Monday 21/10/2013 Issue 14998 الأثنين 16 ذو الحجة 1434 العدد

التقييم طويل المدى يُؤكد أنه سجل استقراراً قوياً غير متوقع

بعد انهيار فبراير 2006 «التصحيح» يُنقذ سوق الأسهم من الأزمات

بعد انهيار فبراير 2006 «التصحيح» يُنقذ سوق الأسهم من الأزمات

إعداد - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ(الجزيرة):

لم يتوقع أيٌ من الاقتصاديين أن تكون صورة سوق الأسهم في 2013م، وبعد مرور 7 سنوات على أزمة التصحيح القاسية التي لحقت به بداية عام 2006م، كما هي عليه الآن. الجميع توقع آنذاك أن ما كان يحدث هو انهيار لسوق الأسهم، وأنه لن تقوم له قائمة بعد ذلك.. الآن وبعد مرور ما يناهز 2770 يوماً على انهيار فبراير 2006م، كيف هي صورة سوق الأسهم؟ هل تطور للأحسن أم ساء عما قبل؟

دائماً تقييمات أسواق الأسهم تُؤخذ على المدى البعيد، وهي مفضلة عن التقييمات قصيرة المدى، التي غالباً ما تتصف بالخداع، لأن طبيعة أسواق المال هي التذبذب، ومن ثم فإن التقييمات قصيرة المدى تتصف برؤية قاصرة لا تظهر حقيقتها.. لذلك، فمن المفيد رصد التطورات طويلة المدى في حدود فترة تتجاوز الـ 2500 يوم، وهي الفترة التي تتعدى 6 سنوات.

بالنسبة لتقييم سوق الأسهم السعودي على المدى البعيد، فالإجابة لا تحتاج وقتاً ولا جهداً للاعتراف بأن السوق قد تحسن للأفضل كثيراً، فرغم أن مؤشر السوق شهد انحداراً عنيفاً من مستوى ما فوق الـ 20 ألف نقطة حتى ناهز مستويات أعلى من الأربعة آلاف نقطة بقليل في عام 2008م، ورغم أنه لحقت به تذبذبات عنيفة على مدى فترة الثلاث سنوات (2006-2009م)، إلا أنه تمكن من التماسك وبناء قواعد ارتكاز قوية مكّنته من تقليل تذبذباته إلى أدنى حد ممكن.

بل إن ما يميز مؤشر سوق الأسهم خلال السنوات الأخيرة (2011-2013م) هو أنه تمكن من التماسك وعدم الاستجابة العنيفة لأي من الأزمات السياسية الحادة التي ضربت المنطقة العربية مؤخراً.. بل إن المؤشر اختبر قوته أكثر من مرة في الاستجابة الطبيعية لأزمات اقتصادية إقليمية وعالمية، وكان بعضها يرتبط بأسعار النفط، والتي تمثّل أحد أبرز المؤثرات المتوقع أن يتأثر بها المؤشر السعودي.. إلا أنه على المدى البعيد، فإن المؤشر حقق تماسكاً ملحوظاً في نطاق تحركاته، فعلى سبيل المثال خلال السنوات الأربع (2010-2013م) بنى المؤشر نطاقاً ما بين (5942 إلى 7983 نقطة)، أي أنه على مدى أربع سنوات تخللتها الكثير من الأزمات السياسية والاقتصادية الحادة، فإن مؤشر السوق حقق أدنى نقطة عند 5942 نقطة، وأعلى نقطة عند 7983 نقطة، بمدى يناهز 2000 نقطة فقط، وهو إنجاز يستحق الإشادة من القائمين بالإشراف والرقابة على سوق الأسهم، فكثير من البورصات المالية الناضجة لا تسجل مثل هذا التماسك خلال فترة طويلة كهذه.

أما النقطة الإيجابية الثانية التي سجلها سوق الأسهم خلال السنوات السبع الماضية، فهي أنه رغم كل ما أثير حول السوق من انتقادات وشائعات، بعد تصحيح فبراير 2006م، إلا أن عدد الشركات المدرجة بالسوق قد تضاعف مرتين عنه في بداية 2006م، فقد ارتفع عدد الشركات من ما يناهز 75 شركة في بداية 2006م إلى حوالي 157 شركة حالياً، أي أن السوق تمكن من جذب حوالي (82) شركة تقريباً خلال فترة السبع سنوات الماضية، أي أن السوق جذب عدد شركات يفوق الشركات التي جذبها طيلة الفترة منذ تأسيسه وحتى 2006م.. بشكل يدلل على أن السوق لا يزال جذاباً ومغرياً، وأنه وعاء مفضل لدى المستثمرين المحليين. أما العنصر الأهم، فهو مكرر ربحية السوق، وهو المؤشر الانتقائي لتقييم كفاءة السوق، حيث إن السوق يسجل حالياً مكرراً بقيمة 14.8 مكرر، وذلك رغم أنه يضم حالياً (32) شركة تحقق خسائر، إما نتيجة حداثتها بالسوق، أو نتيجة خسائر سوقية.. ولا يُخفى أن غالبية هذه الشركات الخاسرة هي شركات تأمين حديثة العهد بالسوق المحلي، وبالتالي فلولا هذه الشركات التأمينية التي تسجل خسائر لكان مكرر ربحية السوق الإجمالي أفضل كثيراً عن هذا المستوى الحالي، والذي هو نفسه لا يزال مقبولاً ومفضلاً مقارنة بالكثير من الأسواق المالية الأخرى.

النظرة طويلة المدى لسوق الأسهم السعودي تؤكد أن السوق سجل استقراراً ملحوظاً وقوياً وغير متوقع، وبخاصة بعد انتكاسته العنيفة في بداية 2006م الماضي.. أي أنه يمكن القول بأن الإصلاحات والتغييرات في سياسات السوق ولوائحه وتنظيماته أتت ثمارها بعد طول انتظار، وينبغي على الجميع أن لا ينسى هذه الثمار والإيجابيات، في خضم انتظار إيجابيات أخرى.. ولا ينبغي تفسير عدم دخول شركات كبرى لسوق الأسهم حتى الآن بأن السوق ليس جذاباً، ولكن ينبغي أن نقيّم تلك الشركات الكثيرة التي دخلت السوق فعلياً.. مع ذلك، فإن كثيراً من التقارير لا تزال تنظر للسوق من نظرة قصيرة المدى، بعيداً عن النظرة الشمولية والكلية للإنجازات الكبيرة التي أحرزها السوق.

 
موضوعات أخرى