Wednesday 23/10/2013 Issue 15000 الاربعاء 18 ذو الحجة 1434 العدد
23-10-2013

مجلس الخوف الدولي!

لئن كان فشل «عصبة الأمم» التي لم تعمر طويلاً 1919م - 1945م كان بسبب عدم وجود قوة عسكرية تنفذ ما تتخذه من قرارات؛ فإن هذا المأخذ الخطير على العصبة قد تم تداركه حين رأت نخب من القادة والمفكرين ضرورة كبح التسلط والهيمنة واللجوء إلى استخدام القوة في الخصومات؛ فتم الاتفاق على إنشاء هيئة الأمم 1945م بعد انقشاع غمة الحرب العالمية الثانية. وتضمن الفصل السابع بالمادة الثانية والأربعين من ميثاق الأمم المتحدة، المكون من تسعة عشر فصلاً، هذا النص «إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض، أو ثبت أنها لم تفِ به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي، أو لإعادته إلى نصابه». ثم وردت تفاصيل استخدام القوة في المواد التالية إلى الحادية والخمسين.

هذا ما ورد في الفصل السابع من الميثاق، فهل نهضت هذه المنظمة الدولية بواجباتها، واتخذت التدابير اللازمة لتطبيق ما يتفق عليه أعضاء المنظمة من قرارات ملزمة؟! هل تم تنفيذ القرارات المتصلة بالقضية الفلسطينية، وقد اتُّخذ بشأنها أكثر من قرار مثلاً؟!

كيف يُترك المعتدي يعيث فساداً بالقتل والتخريب والتعذيب والاغتصاب والتشريد كما حدث في البوسنة من تطهير عرقي للمسلمين، استمر ثلاث سنوات، من 1992م إلى نهاية 1995م، ولم تتدخل الأمم المتحدة إلا في نهاية الأزمة بعد أن تم قتل أكثر من 110 آلاف من المسلمين، وتهجير مليونين، وهدم وتخريب المدن البوسنية، واغتصاب عشرات الآلاف من النساء، وتعذيب آلاف المعتقلين؟!

أين هي الأمم المتحدة؟ وأين قواتها التي يفترض أن تكون جاهزة لإيقاف الاعتداء ورفع المظالم وملاحقة المجرمين وتقديمهم إلى محكمة العدل الدولية التابعة لها، وهي ترى عبر الشاشات وتقارير مبعوثيها من يقترف الجرائم في سوريا ومن يجيش ويدعم بالمال والسلاح ومن هم أولئك الذين تنقلهم الطائرات من طهران وبغداد وعبر الحدود اللبنانية من مليشيات حزب الله، ومع ذلك كله لم تحرك هذه الهيئة الدولية ساكناً، بل عجلت بإرسال مراقبيها في استغفال للعالم؛ كي تتأكد ممن يطلق القذائف ومن يقصف المدن بالبراميل المتفجرة وبالصواريخ والمدفعية؟!

ثم استجابت لرغبة وزيرَي خارجية أمريكا وروسيا لاستصدار قرار بتدمير السلاح الكيماوي السوري الذي يملك منه ألف طن بعد جريمة الغوطة التي ارتكبها النظام؛ ليس خوفاً من ارتكاب جريمة أخرى مماثلة، بل خشية من أن يقع هذا السلاح القاتل عبر الرياح في أيدي متطرفين وحماية لإسرائيل!

كيف يمكن أن يكون للأمم المتحدة احترام أو قبول أو مصداقية وهي تقف متفرجة على المجازر والدمار والخراب والموت والمعتقلات والتعذيب وملايين المشردين في سوريا؟!

وإذا كانت دول العالم المحبة للسلام والمشفقة على الإنسان من طغيان الأنظمة الدكتاتورية تتخذ قرارات بالأغلبية لإيقاف اعتداء النظام السوري على شعبه بقوة أعضاء هذه المنظمة الدولية، حسبما ينص عليه البند السابع من ميثاقها، ثم تمتنع دولتان من الدول الخمس التي يحق لها استخدم حق النقض، وهما روسيا والصين، عن التصويت على تأييد القرار؛ فكيف يمكن أن يوقَف مجرم عن إجرامه ويحل السلام في أي بقعة ملتهبة من العالم؟!

إذا كان الأمر كذلك؛ فإلى متى تُمنح الدول الكبرى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية (أمريكا، روسيا، بريطانيا، فرنسا والصين) حق نقض القرارات التي تحوز أغلبية دول العالم؟! وهل يعني هذا الحق المفروض بغلبة القوة والتسلط أن هذه الدول الخمس الكبرى متحضرة رشيدة حكيمة رفيقة بالإنسان معصومة من الزلل والنسيان، وأن بقية دول العالم متخلفة وحشية جاهلة تحتاج إلى من يأخذ بيدها ويدلها على الحق؛ فهي لم تبلغ سن الرشد بعد؟!

إن امتناع سمو وزير الخارجية عن إلقاء كلمة المملكة في الدورة الأخيرة للأمم المتحدة، واعتذارها عن عدم قبول العضوية المؤقتة عن قارة آسيا لمدة سنتين، موقفٌ شجاعٌ ناقدٌ، يدعو إلى ضرورة تعديل ميثاق الهيئة، وتفعيل قراراتها.

moh.alowain@gmail.com

mALowein@

مقالات أخرى للكاتب