Thursday 24/10/2013 Issue 15001 الخميس 19 ذو الحجة 1434 العدد
24-10-2013

أبجدية أولى في تربية النفس..!!

حقيقة أن لا قانون، ولا نظام في حياة البشر يمنع أحداً عن التعبير عن رأيه أو موقفه في أي من الناس، أو أي مما في حياته..

والدليل الأبلج هو أن الله تعالى لم يُحكِم فمَ الإنسان، بل تركه طليقاً يتكلم متى يشاء، ويصمت ما شاء..

غير أن هناك ضوابط لحرية المرء في التعبير..

بل هناك آداب للتكلم.. ولغة مقبولة فيه, وأخرى غير مقبولة في السائد من الآداب الخلقية.. والأعراف السلوكية.. بل السلوك الفكري ومستوى العقل في الإنسان المتكلم..

جرت الوقائع في حياة الناس أنه يُفسح القبول للكلام المهذب, والتعبير المؤدب, باالخطاب الأحسن.. حتى عند الاعتراض على أمر, وعند رفض آخر.., أو عند مواجهة السفهاء، يكون تجاهلهم أجدى من أن يتعادلوا، ويوزن بذلك عقلهم.. هؤلاء، {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} «الفرقان 25»...

كما يُفسح الكلام للقول اللين، لأن القول إذا ما كان ليناً تلين معه غلاظ النفوس..

فلين القول رفق، لا ضعف، ولا خنوع, بل كل قول يخالطه رفق يزين، وكل قول يخالطه سوء، أو غلظة يشين..

وذلك البرهان في شخصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الذي هوت لدعوته القلوب، إذ لو كان فظ القول، غليظ القلب لانفضوا من حوله..

فهو في أشد حالات كربه, ومواجهاته القاسية حين الدعوة، ووضع أسسها، لم يتخذ من نبوته, ولا رسالته, ولا إلزامية دعوته حرية مطلقة، فلم يطلق كلمة توبخ، أو تهين, أو تلذع, أو تغلظ في حلكة المواجهات.., بل كان سيد الحكماء في لفظه, ومنطق العقلاء حكمة قوله.., {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} (269) «سورة البقرة»..

فصل الخطاب، كيف يتعامل المرء مع لسانه.. أي قوله..؟!

متى يتكلم فيكون ما يقول خيراً، وهو يزن حدود حرية ما يقول..,

لا يطلق العنان للسانه فيكبو.., ولا يلجم التعبير بقوله فيخرس..

بل لا يطلقه بلا ضوابط، ولا يسخر قدرته على الكلام دون ميزان..؟!

إن لسان المرء حقيقة جِنانه, وميزان عقله..

ولأنه من حق المرء أن يقول، لكنه من واجبه أن يقول في حدود ما لا يكون تعدياً, ولا تجاوزاً, لا هتكا.., ولا تجريحاً..

ومن الجميل أن يخْلُص بقوله من النفاق، ويجرده من الزخرف..

لا يكون ممن تعجب الناس أقوالهم، ويشهد الله على ما في أنفسهم، وهم أشد الأعداء..,..

كذلك من الحكمة ضبط حرية التعبير ضمن معايير الأخلاق، وقيمها كالتنزه، والتأدب, والتعقل, والحياء, والتهذب..

ومن العقل لضم ما ينفرط في لحظة غضب, أو اختلاف, أو رفض بما ليس في ميزان الحكمة، ولا ضابط الحرية, ولا قيم التعامل من القول..

فليس من القوة انفراط الألسنة، وليس من العقل تجاوزها حدود اللياقة..

كما أنه ليس من الحكمة عدم ضبط اللسان، وتهذيب منطقه, وتشذيب كلامه..

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

مقالات أخرى للكاتب