Friday 25/10/2013 Issue 15002 الجمعة 20 ذو الحجة 1434 العدد
25-10-2013

خريطة الفكر الإسلامي

لا يخفى على أحد أن الساحة الثقافية العربية باتت غنية بمفكرين وعلماء وفلاسفة وأدباء أثروا على الأمة، بمختلف مشاربهم منهم من وافق الحق ومنهم من تراجع عن أفكار رأى في آخر حياته أنها لا تتوافق مع الشرع ولا تتماشى معه، ومنهم للأسف من يحمل فكراً يخرجه من دائرة الإسلام، وأقصد بالمفكر من يحمل فكراً يتبناه ويدعو إليه ويحاول تطبيقه على مجتمعه.

إن مجال الفكر الذي أعنيه هو القضايا العامة سواءً كانت نظرية بحتة كنظرية المعرفة أو فلسفة العلوم ونحوها. وليس هناك مجال للفكر في مسائل العبادات كعدد ركعات الصلاة أو في القضايا الكلية التي تدخل في مجال الاعتقاد كالتحاكم إلى شرع الله تعالى.

وإذا قلنا فكر إسلامي بمعنى منتسب إلى الإسلام ومستمد من الكتاب والسنة وليس شرطاً أن يكون المفكر الإسلامي ناطقاً باللغة العربية، فقد يكون مفكرا إسلاميا ناطقاً باللغة التركية أو الأردية أو الفارسية أو غيرها من اللغات.

وأكثر المفكرين العرب متأثرون بالفلسفة اليونانية، وايضاً مقلدون ومحاكون للفكر الغربي.

يقول إليا حريق: «يبدو أننا معشر المفكرين العرب لا نزال في دوامة التقليد والنقل إلى درجة تفوق ما نتصوره، لقد أخذنا الاشتراكية كوصفة من الكتب ونحاول اليوم كما يبدو لي أن نفعل الأمر ذاته في مسألة الديمقراطية».

ومن الكتاب الذين رجعوا واعترفوا بأخطائهم، وسوف اقتصر على بعض من اعترافاتهم، يقول جلال أمين الذي انتقل بين البعث، والوضعية، والماركسية ثم عاد يقرر في كتابه « ماذا علمتني الحياة: «إن الدين هو روح الأمة، وأن السخرية به هي سخرية بالأمة، بل بالذات، وان الدين ليس مجرد وسيلة للخلاص الروحي للفرد، وإنما هو أيضاً سبيل لإحداث النهضة القومية».

وكذلك اعتراف عبد الرحمن بدوي الوجودي الشهير قبل وفاته بشهرين تقريباً «لا أستطيع أن أعبر عما بداخلي من الندم الشديد لأني عاديت الإسلام لأكثر من نصف قرن أشعر الآن بالحاجة إلى من يغسلني بالماء الصافي الرقراق لكي أعود من جديد مسلماً حقاً، إنني تبت إلى الله وندمت على ما فعلت». وكذلك اعتراف أبي المعالي الجويني - رحمه الله - المتوفى سنة 478 للهجرة ناصحاً أصحابه من الخوض بالكلام بقوله: «يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي إلى ما يبلغ ما اشتغلت به: وقال عند موته لقد خضت البحر الخضم، وخليت أهل الإسلام وعلومهم ودخلت في الذي نهوني عنه والآن فإن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لابن الجويني، وها أنا أموت على عقيدة أمي أو قال على عقيدة عجائز نيسابور». رحم الله من عاد إلى صوابه، وأعاد من يصر على خطئه إلى صوابه.

wadha30@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب