Saturday 26/10/2013 Issue 15003 السبت 21 ذو الحجة 1434 العدد
26-10-2013

تطوير المشاعر (2)

أجزم بأن مشروع قطار المشاعر أحد أهم مشروعات التطوير التي أسهمت في تمكين الحجاج من أداء نسكهم بكل يُسر وسهولة؛ إذ حقق القطار نجاحاً متميزاً في موسم حج هذا العام، واستطاع تنفيذ أكثر من 2000 رحلة بكفاءة عالية مختصراً زمن الرحلة من عرفة إلى مزدلفة لسبع دقائق فقط، بعد أن كانت تستغرق ما يقرب من 5 ساعات.

وبالرغم من جودة التصميم والتنفيذ إلا أن محطات قطار المشاعر الحالية في حاجة إلى بعض التحسينات المرتبطة بالمداخل والمخارج، بما يتوافق مع إمكانيات الحجاج الجسدية، وحاجاتهم الخاصة، ويختصر مسافة السير، ويتفادى نزول وصعود الحجاج في طريقهم إلى وجهتهم النهائية، وبخاصة محطة مزدلفة 3.

انسيابية حركة الركاب من خلال الجسور ستساعد الحجاج على تجاوز عقبة السير الطويل الذي لا يطيقه كبار السن والنساء وذوو الاحتياجات الخاصة. وجود المصاعد لا يغني عن إعادة النظر في مسارات الخروج والدخول. ربط أرصفة القطار بجسور مستقيمة تتجاوز طرق المركبات الأرضية إن وجدت، ثم تنحدر مباشرة إلى المواقع المستهدفة، أفضل الوسائل للتخفيف على الحجاج، ولرفع كفاءة حركتهم في مرحلتي الدخول والخروج من المحطة.

إضافة إلى ذلك، فالتصميم الحالي للسلالم لا يساعد على سهولة الصعود إلى المحطة، في الوقت الذي لا يتوافق فيه عدد السلالم المتحركة مع حجم الحركة المتوقعة، التي لا تقل عن 3000 حاج في الرحلة الواحدة. وإذا ما أضفنا إلى ذلك الأعطال التي تحدث لها يصبح الوضع أكثر صعوبة.

المرحلة الأخيرة من مشروع قطار المشاعر ستربطه مباشرة بالمسجد الحرام؛ وكل ما أرجوه أن يكون الربط أكثر انسيابية للحجاج في حالتَي النزول والصعود، وأن يفضي إلى مساحة مفتوحة قادرة على استيعاب الحجاج، وتوفير العمق الآمن لهم في الأزمات الطارئة الناجمة عن تكدس الحجاج وتدافعهم. إيصال قطار المشاعر إلى محطة الحرم الأخيرة سيختصر زمن التنقلات بين المشاعر، وسيؤدي إلى نقل أعداد كبيرة من الحجاج في فترة زمنية قصيرة؛ ما قد يتسبب في تكدس الحجاج؛ فالطاقة الاستيعابية للمسجد (المطاف والمسعى) قد لا تحتمل التدفقات البشرية المتتالية، التي سينقلها القطار في زمن قصير؛ وهو أمر ينبغي التنبه والاستعداد له.

وعلى علاقة بقطار المشاعر، فالحاجة تستدعي ربط الأحياء الملاصقة للحرم ومواقف تجمع السيارات والحافلات بشبكة قطارات منفصلة عن مشروع قطار المشاعر. وأعني أن تربط الأحياء المستغلة حالياً في إيواء الحجاج بقطارات كهربائية (الترام)، تسهل الحركة بين الحرم وأحياء الإيواء والمواقف، وتكون بديلة للحافلات المتهالكة التي تتسبب في إعاقة حركة الحجاج، وتزيد من نسبة التلوث. يمكن استغلال بعض الأنفاق لمد شبكة قطارات كهربائية متوافقة مع حركة المركبات، تُستغل في مواسم الحج والعمرة لفك الاختناقات وتفعيل عمليات النقل الآمن. لن يزيد طول الخط الواحد على أربعة كيلومترات، وبعضها لن تتجاوز أطوالها الكيلومتر الواحد. يمكن أن تكون الشبكة دائمة، ويمكن أن تكون مؤقتة، تُستغل في موسمَي الحج والعمرة؛ فخطوطها الأرضية ستكون جزءاً من الطريق؛ ولن تتسبب في إعاقة حركة المركبات. خطوط «الترام» القصيرة ستعوض المناطق التي لا يمر بها قطار المشاعر، وستقلص حركة المركبات، وستزيد من كفاءة نقل الحجاج داخل مركز المدينة.

تغطية مكة المكرمة بشبكة قطارات متكاملة خيار استراتيجي، تعمل الحكومة على تنفيذه، إلا أن المشروعات الصغيرة ذات الفوائد الكبيرة، والانعكاسات الإيجابية على أمن وسلامة وراحة الحجاج، والمحققة لانسيابية الحركة وفك الاختناقات، وخفض الانبعاثات المضرة بصحة الإنسان وسلامة البيئة، يجب أن تُنفَّذ كمشروعات مساندة وعاجلة لمعالجة أزمة النقل بين المسجد الحرام من جهة، ومواقع الإيواء ومناطق تجميع الحافلات والمركبات من جهة أخرى.

ونكمل بإذن الله.

f.albuainain@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب