Saturday 26/10/2013 Issue 15003 السبت 21 ذو الحجة 1434 العدد
26-10-2013

سيتحرّشون.. و...!!

ألا تلاحظون أنّ الجمهور العريض من أفراد المجتمع، بكل فئاتهم، واختلاف مشاربهم، ومستوى تعليمهم، وتنوُّع مناصبهم، وأدوارهم كلّما حدث أمر من شؤون البشر الاعتيادية، وصدر سلوك من آحادهم، ركضوا يتهافتون على الإعادة، والنشر، والإدلاء بالرأي صائباً كان، أو خائباً..،

يحمِّلون الأمورَ أكثر مما تحتمل،.. ويتخرَّصون بما لا يدل إلاّ على فراغ، وهشاشة، وتطفُّل، ومبالغة،..

ولنأخذ مثالاً لما حدث مؤخراً في أحد أسواق المنطقة الشرقية .، وبعيداً عن الحادثة..، ودلائلها، ومؤشراتها المهمة للمرجعيات المسؤولة تربية..، وتنشئة..، وتوعية..، وقانونية..، ونحوها، ..

نسأل كيف تعامل معها الجميع..؟

بدءاً بمن لاحق في موقع الحادثة..، ومن ثم بمن صوّرها، وبمن نشرها، ثم بمن كتب عنها، وبمن أشاعها وزاد، وأخيراً بمن لم يتأخر عن الانضمام إليهم فعلق، من باب الفزعة، أو بشعور بات سمة المتكاتفين في كل موضوع أنه إن لم يشارك فسيقال عنه «متخلِّف عن التنوير...؟»

ظاهرة «الفزعة» الشخصية والجمعية هذه جدّ خطيرة في مجتمعنا الآن..، وهي مؤشر غير محمود العواقب..، والنتائج على صعيد علاقات الأفراد الاجتماعية، وقوام تعاضدها ..

فكم «تغريدة» نُشرت في الحادثة..؟

كم اسم صريح، ورمزي، ومسؤول، وغير مسؤول، ومغمور، ومشهور قال في الموضوع..؟

لماذا..، وهي أي حادثة التحرُّش ليست غير طبيعية، وإن كان الأمل أن تكون عارضة، ..

إذ تحدث مثل هذه التحرُّشات، والتجاوزات، والأخطاء السلوكية البشرية في كل مجتمع، منذ خلق الله البشر، وحتى يوم تقوم الساعة..، إلاّ في الذين هُديوا بتربية عقولهم، وتأسيس قيمهم، وضبطت التقوى مسالكهم بعد جهد في تربيتهم..

وتبقى هذه الحالات مسالك فردية، لها عواملها، ودوافعها، وأسبابها تلك التي لا بد بعد أن استشرت ظواهرها من أن يجتمع التربويون، وهيئات الأنشطة الاجتماعية، والمراكز الترفيهية، والثقافية، والإعلامية، بل الأسر بدءا لاستقطاب الشباب فيما يجلب لهم فسحات من النشاط المنوّع، يتلاقى مع حاجاتهم لينفسّوا عنه طاقاتهم..، ويوقد للشهامة، والنّخوة، والأدب لياقة القوام فيهم..

ستبقى حتى تتم يقظة هؤلاء المرجعيات، أو يتفرّغوا عن انشغالاتهم عنها، أو حتى يدركوا فيرتقوا جوانب التهلهل، ويقوِّموا الخلل في بنى الأخلاق، مصدر السلوك لدى «المتحرّشين» مثلاً، ونضيف إليهم» البذيئين»، و»المستهترين بقوانين السير»، «والمنفلتين عن آداب المظهر»، و»المفرطين في واجباتهم الشرعية»..

سيبقى كل مسلك يتنافى مع الخلق، والدين، والثقافة خارج إطار التحضر، والوعي..، حتى يتم الجد في عمل مؤسساتي شامل منظم، ومقنن، ومتابَع، ويتطوّر، يقوِّم، ويصدُّ مثل هذه المسالك، أو يحدُّ منها..

وسيبقى هناك من يتحرّش، ويتجاوز، ويخطئ، ويفرط.. طالما إنّ الثقافة القيمية في التربية العامة، وفي والتنشئة، بل في التعامل الفردي، والشائع مع الغصون الغضة، والبتلات الندية هي ثقافة: «انكتم»، وانقلع»، و»أص أص «، و»اقلب وجهك»، و» لا تتدخل»، و « انت وش عرفك».. و» انت جاهل ما تفهم»..

والدليل أيضاً ما انفرج عنه باب «التعبير عن الذات» الذي فتحته على مصراعيه وسائل التواصل الاجتماعي، فتدفّق عنه هذا السيل العرم من التأويلات، والمتابعات، والمشاركات، والترصُّد، والتتبُّع، واللوك، والإعادة، والزيادة، بل التنظير، والصراخ..

فزعة مثيرة للدهشة، وللقرف..!!

إنّ المشهد العام في هذه الوسيلة، يعكس صورة صادقة، جلية بوضوح عن إفرازات اجتماعية تمس أهم البنى، وهي التربية في كل مجال لها.. والتعليم بكل معطياته،،،

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

مقالات أخرى للكاتب