Tuesday 29/10/2013 Issue 15006 الثلاثاء 24 ذو الحجة 1434 العدد
29-10-2013

«خلجنة» الوظائف المصرفية و«التكامل» الخليجي

أكتب هذه الزاوية وأنا أرتدي قبعة مواطن سعودي يبحث عن عمل في قطاع الصيرفة بين أبناء عمومته من الخليجيين. لست أفعل ذلك لأني عاطل،كما قد يتخيل للبعض، ولكن ارتأيت أن أعيش تجربة حقيقية أنقلها لكم أيها القراء.

والشخصية التي أمثلها هي ذلك المصرفي الذي سمع بما يتداوله البعض عن مبادرة «خلجنة» الوظائف بقطر و الإمارات، فطار ذلك المصرفي «البسيط» فرحاً وبهجة. فقد سمع بما يهيج به الإعلام حول «أن الخليجيين هم الأحق في شغل الوظائف الشاغرة من الجنسيات الأخرى، نظراً لوحدة الثقافة والعادات والتقاليد بين الشعوب الخليجية».

فهذه الشخصية تجزم بأن مصارف قطر والإمارات تستطيع أن تقدم درساً حقيقياً لمصارفنا التي ابتلي بعضها بمقولة «نوظفك بحسب واسطتك وليس كفاءتك». وعليه، حاول أن يرى ما إذا تم ترجمة تلك المبادرة على أرض الواقع أم أن الأمر يحتاج الى بعض الوقت.

التوظيف في العادة يتم بأكثر من طريقة، ولكن أهمها طريقتان. إما عبر مواقع البنوك الرسمية او وكالات التوظيف الأجنبية. والحق يقال إن مواقع توظيف البنوك الإماراتية والقطرية كانت سلسة ومرنة وليست كمثل بنوكنا السعودية. فأنا لا أدري كيف أصف ما قامت به بنوكنا (وبالتحديد أقسام الموارد البشرية وكذلك المسؤولون عن الموقع الفني). أريد أن أطبق مقولة

(Name الجزيرة Shame) وهي عندنا بلغتنا «(سمهم بأسمائهم وأفضحهم»)! ولكن لن أجرؤ على ذلك!

بشكل عام وجدت أن هناك بنكاً واحداً مُدرجاً صدفة وإن أصبح نظام موارده البشرية معطلاً، وذلك من بين جميع الأقسام الأخرى العاملة!

وعندما ننتقل الى الأذرع المصرفية الاستثمارية لهذه البنوك, التي تم الترخيص لها من هيئة سوق المال, والتي في العادة توظف أعداداً كبيرة من غير السعوديين، كانت المفاجئة في تعطل إرسال السيرة الذاتية لستة بنوك، وذلك لأسباب فنية من الموقع. وقد وصل الحال بأحد البنوك أن حذف صفحة التوظيف من موقعه بالكامل!

بالعودة الى صلب حديثنا نجد أن وكالات التوظيف الأجنبية قد خصصت أقساماً من أجل «قطرنة وأمرتة» الوظائف بقطر والإمارات.

الاستجابة السريعة جاءت من أحد مكاتب التوظيف الأجنبية. ولفت نظري أن الوظيفة التي أُخذ رأيي بها جاءت من شركة غير مصنفة بأنها مصرفية بالبتة. حيث تملك الحكومة الإماراتية حصة بها ويسيطر إخواننا الإماراتيون على أقسام الموارد البشرية بها. وبالرغم من أن هذه الوظيفة كانت مخصصة لمواطني دولة الإمارات إلا أنهم قرروا أن يفتحوا التنافس عليها للمواطنين السعوديين كذلك.

قد لا يدرك البعض أن بلدان الخليج قد بدأت في تكميل بعضها في مجالات عدة، ومنها على سبيل المثال الإعلام و السياحة.

فالتكامل الاقتصادي على سبيل المثال بدأت تظهر آثاره بمساهمة السعوديين ولو بشيء بسيط في دعم القطاع السياحي في قطر والإمارات، وهذا ليس مستغرباً بين أبناء عمومتهم، فنجاح دبي او الدوحة من نجاحنا كذلك.

وبالرغم من أنني تواصلت مع أقسام الموارد البشرية لمعظم البنوك الإماراتية والقطرية، فإنني حتى كتابة هذه السطور لم أسمع منهم. ومن معرفتي البسيطة فيبدو لي أن الأجانب لا يزالون مسيطرين على وظائف الموارد البشرية في هذه البنوك. نحن لا ننكر أن صناعة الصيرفة في الخليج قد اعتمدت في مراحلها الأولية على تلك العمالة الآسيوية، ولكن الوضع الآن قد تغير. فمعلوم أن المصرفيين البحرينيين والسعوديين قد تسيدوا مهنة المصرفية في الخليج في السنوات الأخيرة، وقد تتفوق المملكة من ناحية وفرة فقهاء الصيرفة على البحرين.

بدأت بالقطاع المصرفي لأنه القطاع الأضخم من حيث استيعاب المهنيين الخليجيين، وبكل تأكيد أن خلجنة هذا القطاع ستكون الأصعب. فمن المعروف أن البنك المركزي الإماراتي وكذلك القطري يفرضان نسبة معينة لتوظيف المواطنين. والاقتراح الذي سيتقدم به كاتب هذه السطور هو: لماذا لا يقوم بنكنا المركزي العزيز بتقديم اقتراح، بالنيابة عن المصرفيين في المملكة، بحيث تحدد منذ الآن نسبة معينة لتوظيف السعوديين في البنوك القطرية والإماراتية، ويتم إيصال ذلك الاقتراح الى بنوكها المركزية؟

إن أبناء الخليج هم الأولى بوظائفها وبثرواتها من أولائك الذين يعملون لدينا ومن ثم يصدرون ثرواتهم لبلدانهم. لماذا لا نتكاتف ونضع حداً لمقولة «حلالنا الخليجي لغيرنا»؟!

mkhnifer1@gmail.com ... تويتر: @MKhnifer1

مراقب ومدقق شرعي معتمد من (AAOIFI) ومتخصص في هيكلة الصكوك وخبير مالية إسلامية لصالح مؤسسات دولية متعددة الأطراف.

مقالات أخرى للكاتب