Friday 01/11/2013 Issue 15009 الجمعة 27 ذو الحجة 1434 العدد
01-11-2013

البرازيل والترجمة

رغم انقطاع الخطوط الهاتفية في جوالاتنا التي أصبحت فقط صالحة للألعاب الإلكترونية وكتابة الملاحظات واستعمال رسائل الواتس أب هذا إن أسعفنا الاتصال بالإنترنت في أحيان قليلة، ورغم هذه المسافة الطويلة التي تتجاوز 18 ساعة طيران عداك عن الانتظار بالمطارات، ورغم البحار والقارات والمحيطات التي قطعناها وتلك التي تحدنا من كل الجهات، لكن انتصار الحضور في جائزة عظيمة للترجمة في تلك الديار التي سبقتها إلينا قهوتها التي أدمناها مع صباحاتنا وحيث تحلو لقاءاتنا، وكرة القدم التي يعشقها شبابنا، وروايات باولو كويلو وكل ما حوته من عبارات الحكمة وتتبعه التراث العربي، لقد كانت جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة هي الجسور الحقيقية التي وصلتنا بالبرازيل، بثقافتها وأهل فكرها ونمط الحياة بها، حيث استضافت جائزة الترجمة التي سلكت هذا العام في دورتها السادسة أمريكا اللاتينية لتحل ضيفا عزيزا على ديار تتوق للتواصل مع الشرق، وتفعيل الحوار الذي حالت دونه الكثير من الأسباب.

لن تبرح ذاكرتي الجلسة الأولى من الملتقى السادس للجائزة الذي كان مقررا إقامته في جامعة ساو باولو لولا إضراب الطلاب المطالبين بانتخابات ديمقراطية في رئاسة الجامعة، تحدث فيها كل من مستشار خادم الحرمين الشريفين رئيس مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الديانات والثقافات الذي تحدث عن رسالة خادم الحرمين في الحوار العالمي وحضور الجائزة التي انبثقت عن مكتبة الملك عبدالعزيز العامة كقناة من أقنية هذا الحوار، كما شاركه البروفسور محمد حبيب الذي أبدع في محاضرته التي أصر أن يلقيها باللغة البرازيلية معتزا بالدولة التي قضى بها أكثر من أربعين عاما فانتمى إليها بوجدانه وكيانه لانها منحته حق العيش والانتماء وفرصة الإبداع.

تحدث حبيب عن توق العالم للسلام والحوار مبتهجا بحديث معمر عن مركز الملك عبدالله في النمسا كبادرة عالمية ضرورية متمنيا التواصل ما بينها وبين المؤسسات الأكاديمية والمهتمين بالحوار العالمي.

في قصر حاكم ساو باولو كرم صاحب السمو الملكي عبدالعزيز بن عبدالله نائب وزير الخارجية رئيس مجلس أمناء الجائزة الفائزين بها، في مقر الحفل اجتمع به أعيان البلد وأصحاب فكرها وأهل العلم والاقتصاد والسياسة والساسة والفائزون ووسائل الإعلام المحلية والدولية لتشهد أمريكا اللاتينية مرور قوافل هذه الجائزة العالمية منها حيث سلكت قبل ذلك طريق الحرير في بكين الشرق وحلت على بيت العلوم والثقافة في باريس وفي برلين وسبقها في المغرب العربي حيث حملت رسالة خادم الحرمين النبيلة للبشرية التي تحقق السلام والحوار ونقل المعرفة وتبادل الثقافة وإعادة ما بدأ به المسلمون في العصور الزاهرة للترجمة والعلوم.

الترجمة التي كانت سبيل أجدادنا والمكتبات بيوت الكتب وبطون المعرفة التي كانت أثمن ثرواتنا تعود من جديد ذاكرتها لتعبق في مستقبلنا بهذا الحضور لجائزة عالية ابتهج بها المتميزون ممن كرمتهم وقدرتهم جراء جهودهم الكبيرة في الترجمة.

ولا أغفل هنا دور سفارة خادم الحرمين الشريفين بكل فرد فيها حضرت وسهلت وتواصلت مع الحاضرين وكانت صلة الوصل بين الأطراف كلها، فكانت توجيهات سعادة السفير أثمرت في نجاح الفعالية وتفاصيل الترتيب لها.

الترجمة حضور للفكر ونقل لثقافات الشعوب.. الترجمة أدب وفن قديم جديد متجدد ترعاه اليوم جائزة عالية حققت لها هذا الحضور والتميز.

فكل عام والجائزة جسور تربط أوصال عالمنا الكبير وتكرم المجتهدين الذين سخروا فكرهم وجهدهم لترجمة الفكر.

mysoonabubaker@yahoo.com

مقالات أخرى للكاتب