Tuesday 05/11/2013 Issue 15013 الثلاثاء 02 محرم 1435 العدد
05-11-2013

الأحساء .. والمستقبل الاقتصادي

لم أُجافِ الحقيقة حين ذكرت، في مقالة سابقة، بأن الأحساء «أشبه بالذهب الخالص الذي يخبو بريقه ولا يتلاشى، فيعود أجمل روعة وتألقاً متى صُقِل بيد الصائغ المحترف».

الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، أمير المنطقة الشرقية، أكد خلال زيارته يوم أمس الأول بأن «الأحساء بما تملكه من مقومات وإمكانات في شتى المجالات، تدعم التوجهات التنموية المستقبلية لها في أن تكون من أهم الأقاليم الاقتصادية الرئيسة على مستوى المملكة، بخصوصية متفردة ذات بيئة زراعية وساحلية، ووظائف اقتصادية وجغرافية متعددة».

أتفق مع رؤية الأمير سعود بن نايف الإستراتيجية، فالأحساء من أهم الأقاليم في المنطقة، موقعها الجغرافي الحساس، ومقوماتها التنموية المتنوعة، يمكن أن تعيد لها مكانتها الاقتصادية المستحقة.

تُعتبر الأحساء من أكبر التجمعات السكانية في المنطقة الشرقية، وفي الغالب يكون تعداد السكان أحد مقومات النجاح شريطة أن تتوفر له القاعدة التعليمية القادرة على تنمية المهارات الفكرية والتقنية والإبداعية، والمفضية لنشر ثقافة الإنتاج، وتوفير كفاءات متخصصة في القطاع الصناعي الذي يفترض أن يكون الخيار الأمثل لتطوير الاقتصاد وتنمية المجتمعات وزيادة دخل الفرد والمجتمع.

الاستثمار في التعليم التقني الحديث، ونشر الكليات والمعاهد الصناعية المتخصصة ذات الكفاءة العالية المتوافقة مع المتطلبات العالمية يُمثّل الخطوة الأهم في تحويل الأحساء إلى منطقة صناعية حديثة.. إنشاء مدينة صناعية متكاملة سيدعم اقتصاد الأحساء وسيوفر الفرص الاستثمارية الواعدة، والوظائف المطلوبة.. المدن الصناعية المتخصصة إحدى أهم ركائز التنمية الشاملة متى أُحسن تنفيذها وإدارتها.

وعلى علاقة بالصناعة، فصناعة التمور ما زالت في بداياتها، وهي تعتمد خطوط الإنتاج التقليدية التي لا تساعد على تصدير التمور إلى الاتحاد الأوربي وأميركا ودول العالم.

الأحساء في أمسّ الحاجة لخلق قاعدة صناعية متكاملة ومتوافقة مع المتطلبات العالمية وبما يضمن سهولة تصدير منتجات التمور السعودية إلى دول العالم.

البيئة الزراعية تُمثّل إحدى مقومات النجاح الرئيسة في الأحساء، إلا أن شح المياه أضر كثيراً بزراعة النخيل والمنتجات الزراعية الأخرى، في الوقت الذي قضت فيه سوسة النخيل الحمراء على الأصناف الجيدة، ودمرت مزارع النخيل، وكبّدت المزارعين والمستثمرين خسائر فادحة.. مشكلة المياه يمكن حلها من خلال مشروع متكامل لمعالجة مياه الصرف الصحي وتحويلها إلى مياه صالحة للزراعة، وهي تقنية مطبَّقة في جميع دول العالم.

يمكن تحقيق هدفين رئيسين من مشروعات المعالجة، الأول: توفير كميات مهولة من مياه الري، والثاني: حماية البيئة وصحة الإنسان من خلال التخلص من مياه الصرف الصحي الضارة بعد تنقيتها وإعادة استخدامها بما يعود بالنفع على البيئة والسكان في آن.

القضاء على «سوسة النخيل الحمراء» يعني بعث زراعة النخيل من جديد، ودعم النشاط الاقتصادي الأهم في المحافظة، إلا أن عملية القضاء عليها قد لا يكون متاحاً إذا ما استمرت وزارة الزراعة في مشروع المكافحة الحالي دون تطوير.. يزيد عمر مشروع المكافحة الحالي على عشرين عاماً، لم تستطع الوزارة خلاله تحقيق هدف المعالجة والقضاء عليها، بل إن خطرها تجاوز الأحساء ليصل مناطق المملكة الأخرى وبما يهدد ثروة النخيل والأمن الغذائي. أعتقد أن مراجعة مشروع المكافحة الحالية، واستبداله بمشروع آخر يعتمد في تنفيذه على شركة عالمية متخصصة في مكافحة سوسة النخيل وفق مدة زمنية محددة ونتائج معروفة سلفاً، هو الأسلم والأجدى.

للولايات المتحدة الأميركية تجربة رائدة في القضاء على «السوسة الحمراء» في فترة زمنية قصيرة.. يبدو أننا أكثر حاجة للاستفادة من مراكز الأبحاث العالمية، والشركات المتخصصة لضمان النتائج.. الإنفاق التوسعي على مشروع المكافحة ربما يكون سبباً رئيساً في إطالة أمد الآفة التي أفقدتنا جزءاً مهماً من مكونات أمننا الغذائي!.

نجحت الحكومة في التعامل بكفاءة مع مقومات الأحساء الساحلية والسياحية من خلال تدشين مشروع «تطوير العقير» ما يؤكد على البعد الإستراتيجي لترجمة الأفكار والمقومات السياحية إلى واقع محسوس، ومشروعات طموحة داعمة للاقتصاد.. «تطوير العقير» سيفتح الباب على مصراعيه أمام الاستثمارات الضخمة في الأحساء والمحافظات الأخرى. رؤية الأمير سعود بن نايف الإستراتيجية تحتاج إلى دعم حكومي يسهم في تحويلها إلى واقع محسوس.. تنمية الأحساء وتحويلها إلى إقليم اقتصادي رئيس تحتاج إلى ضخ استثمارات حكومية ممنهجة وفق رؤية إستراتيجية شاملة، تعتمد الصناعة أساساً لها، إضافة إلى قطاعات السياحة، الزراعة والتعليم الحديث.. الفكر الإستراتيجي هو القادر، بإذن الله، على تحويل الأحساء إلى أحد «أهم الأقاليم الاقتصادية الرئيسة على مستوى المملكة».

f.albuainain@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب