Thursday 21/11/2013 Issue 15029 الخميس 17 محرم 1435 العدد
21-11-2013

إلزامية التعليم في المملكة بين وزارة التربية والتعليم والشيخ السناني.. أهلاً بالأمية مرة أخرى!

تابعت مثلما فعل الكثيرون لقاء (برنامج الثامنة الذي يعده القدير الشريان) مع الشيخ السناني الأسبوع الماضي ووقفت في حالة من الذهول والتعجب حول العالم المتوحد المنفرد الذي يعيش فيه الرجل وهو بيننا لكننا الآن لسنا بصدد هذا الرجل وأرجو ألا نقتحم حياته الآن ونهدد سكونه.

السناني نسخة ضائعة لجيل بكامله أغرقناه بإرادتنا في متاهات التطرف والإقصائية فلماذا نبكي الآن؟؟؟

الرجل شجاع بمقاييس متابعيه فهو قرر أن يخرج على الملأ لفضح ما فعله النظام التعليمي به. لا يولد الإنسان متطرفا وحادا بل توجد الظروف الذي تصنع منه واحدا وهو ما حدث مع هذا الرجل.. طلقت أمه ونزع من حضنها ثم رمي به في بؤرة التطرف والقلق وزج به في غياهب الصراع الأفغاني ليعود للديار ويزوج ثم ينجب تسعة أطفال (و6 منهم بنات) لا حول لهن ولا قوة ويحرم الجميع من التعليم لينتهي أحدهم في السجن الآن لتطرفه (ولا نعرف ماذا حل بالبقية) لكن وكما يبدو هم مصانع متفجرة وموقوتة للإرهاب) فهل نتصور أي من أطفالنا بهذا الوضع؟ كيف يسمح النظام أن يترك أطفالاً من غير أن يتلقوا أي تعليم....؟؟؟ فقط لأن والدهم قرر ذلك؟ أين نظام الدولة وأين هي سياسة إلزامية التعليم التي قالت بها المملكة منذ سنين طويلة؟

أقرت المملكة فكرة التعليم الإلزامي منذ العام 2004 في محاولة للتوافق مع متطلبات المنظمات العالمية مثل اليونيسكو والأمم المتحدة التي تطالب بحق أدنى إنساني لكل طفل ومنها حق التعليم الأساسي ولكن يبدو أن هذه المنظمات نفسها كانت تهادن المملكة وتصدق فكرة أن ظروف الدولة القبلية لا تسمح بتطبيق إلزامية التعليم في المملكة وهذا هو ما كانت الوزارة تتذرع به وتقول به كتبريرات حتى لا يتم تتبع الإحصاءات حول نسب الملتحقين بمراحل التعليم المختلفة مقارنة بمن هم في سن تلك المرحلة فعلا من السكان حيث كانت الحجة دائما هي أن المملكة مازالت قبلية ومن ثم لا يمكن إرغام أب على إلحاق أبنائه بالمدرسة إذا لم يكن مقتنعا بذلك لأن هذا يعتبر تصادما واضحا مع سلطة شيخ القبيلة التي تعتبر نفسها فوق سلطة الدولة؟!

في سنة 2010 أصدرت الوزارة تأكيدا جديدا على إلزامية التعليم الأساسي للأطفال حتى المتوسطة ولكن تأملوا البيان الذي صدر في ذلك الوقت من المتحدث الرسمي للوزارة الذي كان عضو مجلس الشورى في اللجنة التعليمية والبحث العلمي آنذاك، حيث قال: إن نظام التعليم الإلزامي فاصل أساسي لإنهاء حالة الأمية التي تأتي نتيجة إهمال الآباء لإدخال أبنائهم للمدارس (ولم يقل نتيجة لتطرف رب العائلة أو لوجهة نظره في التعليم كما في حالة السناني مثلا التي منعت أبناءه من الالتحاق بالتعليم النظامي)

http://www.alarabiya.net/articles/2004/06/16/4388.html

والمتحدث الرسمي يومها أكد أن النظام الجديد الذي رفع به مجلس الشورى ممثلا في لجنته الخاصة بالتعليم والبحث العلمي يلزم أن يتعلم المواطن، وكما صرح (بما هو محدد من التعليم: في الأمور الدينية ومبادئ القراءة والكتابة والحساب (فقط) وهذا على حد قول المتحدث الرسمي هو المطلوب من التعليم الإلزامي ومن ثم وبهذا المستوى من الفهم الذي عبر عنه عضو مجلس الشورى والممثل للرأي الشعبي فلا يمكن محاسبة أي من أولياء الأمور مثل السناني وغيره إذا ألحقوا أطفالهم بالتعليم أم لم يفعلوا فيكفي أن يلتف أطفالهم حول المقرئ في مسجد الحي ويتعلموا مبادئ القراءة والكتابة والتلاوة دون شرط الالتحاق بالمدارس النظامية التي افتتحتها الدولة ليتحقق لهم شرط التعليم الإلزامي الذي قالت به الوزارة كمحدد لمتطلبات هذا التعليم ولينتهي أمثال هؤلاء الأطفال مثل أطفال السناني بلا تعليم يومي نظامي.. وبلا شهادات معترف بها من المؤسسات النظامية كالجامعات.. وبلا تعليم يتيح لهم الحصول على عمل شريف يقيهم شر الفاقة والفقر ومن ثم يسمح لهم نظامنا أن يرجعوا لذات الدائرة.... دائرة الفقر والإرهاب.. هذا عن الأبناء الذكور وتحدث كثيرا عن البنات.. ولديه ست منهن.. بلا تعليم وسيكن أمهات لإرهابي المستقبل.. فماذا نتوقع؟

أي مجتمع ظلامي ينتظرنا؟؟ رحماك يارب؟؟؟؟؟

مقالات أخرى للكاتب