Thursday 05/12/2013 Issue 15043 الخميس 01 صفر 1435 العدد
05-12-2013

هل يمكن أن تكون الألعاب الإلكترونية مفيدة للأطفال؟

حتى لو جاء مخلوق فضائي من خارج كوكبنا وتابع عدد الساعات الطويلة التي يقضيها أطفالنا ومراهقونا على الألعاب الإلكترونية فإنه سيصل للنتيجة التلقائية وهي أن السعوديين مستهلكون شرسون لكل تكنولوجيا حديثة وخاصة التويتر واليوتيوب والأنستجرام وبالطبع الفيس بوك.

وطبقا لما نشر في الفترة الأخيرة: (أنظر جريدة الحياة في 26 سبتمبر وانظر الحياة 2 ديسمبر 2013) عن آخر الدراسات حول استخدامات السعوديين فإن المملكة كما ظهر تضم أكبر عدد لمستخدمي «اليوتيوب» على مستوى العالم، إذ تتم مشاهدة أكثر من 90 مليون فيديو يومياً، كما أن نسبة استخدام تويتر هي الأعلى في العالم كله بالنسبة لعدد السكان بل وصلت النسب ببعض المستخدمين إلى إدمانه حتى ست ساعات فاعلي إضافة إلى ما أفادت به الدراسات عن انتشار الهواتف الذكية والتي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية حيث يستخدمها أكثر من 60 في المئة من سكان المملكة !

في ذات السياق أظهرت بعض الإحصاءات العامة أن معدل بقاء الطفل السعودي في اليوم الواحد مع هذه الأجهزة فاق في متوسطة العام ساعتين إذا لم تكن أكثر بالطبع بحيث بدأت الدراسات تتوالى حول ما يمكن أن تؤدي إليه هذه الأجهزة من نتائج في غالبها سلبية على قدرة هؤلاء الأطفال والمراهقين في التفاعل مع العالم الحقيقي حولهم بنفس المهارة التي يظهرونها للتعامل مع عوالمهم الافتراضية.

لكن وسط كل هذا القلق ظهرت بوادر طيبة تبشر بولادة مخلوقات ذكية من الأطفال رغم بقائهم مع هذه الأجهزة وذلك من خلال برامج تربوية جديدة تقوم فكرتها على استخدام برامج حاسوبية تشبه الألعاب إذ أعلن معهد ماسيتويشت للعلوم والتكنولوجيا (أم أي تي) في الولايات المتحدة عن مبادرة جديدة لتعليم الأطفال البرمجة تسمى (سكراتش) من خلال برامج على شكل ألعاب يشارك الأطفال في بنائها ومن خلال ذلك يتعلمون مهارات عقلية كثيرة منها التحليل من المعقد إلى البسيط وحل المشكلات وأشار التقرير إلى أن تعلم البرمجة مفيد لكل طفل بغض النظر عن ماذا سيتخصص فيه بعد أن يكبر فسواء أصبح الطفل بعد كبره معلما أو فلاحا أو بائعا فإن فكرة بناء شيء جديد هي الأكثر أهمية لأنها تدرب على الإبداع وتعلم مهارات التفكير العلمية الأساسية.

وقد ظهر مشروع (سكراتش) عام 2007 في معهد أم أي تي موجها للأطفال من 8-16 وهدف إلى تبسيط التعقيد الذي تتميز به البرامج الحاسوبية عند بنائها إذ يستبدل البرنامج المذكور الكوماندز المعتادة لبناء البرامج بعلامات أو صور يقوم الأطفال بواسطتها ببناء برامجهم مثل لعبة القط والفأر والمبنية على فكرة الفأرة الهاربة من عدة قطط تلاحقها ومن ثم يقوم الأطفال بتحريك الرسوم وبناء البرنامج تدريجيا لتطوير مهارات الفأر للهرب و التي تتعقد مع كل مرحلة ! وهكذا تم استغلال الوقت الذي يهدره الأطفال عادة مع ألعابهم الإلكترونية بفكرة استغلال حب الأطفال للألعاب وتعليمهم بناء البرامج التي تحفز مهاراتهم العقلية المختلفة ودعم ذلك ظهور حواسيب رخيصة الثمن تم بناؤها في بريطانيا وطرحت في الأسواق عام 2012 حيث بيع منها حتى الآن أكثر من 1.7 مليون وحدة بثمن لا يتجاوز 300 جنيه إسترليني.

وقد أشار د ميتشل ريزنك من معهد ألم أي تي المشرف على المبادرة أنه وبفضل سكراتش ومنذ طرحه تم تسجيل أكثر من أربعة آلاف لعبة جديدة قام الأطفال في كل أنحاء العالم بتصميمها بأنفسهم بدءاً من الكروت إلى الصور (الأنميشين) والرحلات والمسابقات وإلى ما قد لا يخطر على بال أحد كما ظهرت عبر إبداعاتهم الكثير من الملامح الثقافية التي بدأ الأطفال في بقاع أخرى من العالم التعرف عليها فما يصنعه الطفل الياباني غير ما يصنعه الصيني وغير ما يصنعه الأمريكي مما يعني تمتع الأطفال في مختلف أنحاء العالم بالإلهامات والاختلافات الثقافية لمختلف البلدان مما يوسع قبول هذا الجيل لبعضه وربما يساعد هذا في تهيئة العالم لقبول بعضه وتقليل التشبث بخلافاته وهي أحد الأوجه الإيجابية لهذه المبادرة.

وقد أقرت دول صناعية كبرى مثل اليابان هذا المشروع ضمن برامج التعليم الإلزامية لكل طفل بدءاً من الصف الرابع الابتدائي وذلك لاستغلال مهارة هذا الجيل في التعامل مع الكمبيوتر وفي ذات الوقت الاستفادة من هذه البرامج لتدريب المهارات العقلية للطفل مثل حل المشكلات والتنظيم والمبادرة وطرح الحلول والتفكير في الاختلافات الخ من المهارات العقلية التي يحتاجها الطفل في كل مراحل حياته سواء العملية أو الاجتماعية.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ... ماذا سيصنع ويبدع الطفل السعودي لو تبنت وزارة التربية والتعليم هذه المبادرة؟

مقالات أخرى للكاتب