Thursday 05/12/2013 Issue 15043 الخميس 01 صفر 1435 العدد
05-12-2013

العرائض المسيّسة!

تعودنا أن نقرأ بيانات وعرائض توجه اسميا لخادم الحرمين الشريفين، لكنها في الحقيقة تحمل مواقف سياسية، ينشرها أصحابها على نطاق واسع، ويقصدون من خلالها إثارة الجدل، ويزعمون بأنهم يوجهون النصيحة لولي الأمر وليس أكثر من ذلك!

ويتناسون ما تقتضيه نصيحة ولي الأمر من آداب وأعراف وضوابط شرعية في المقام الأول ثم اجتماعية، وأهمها السرية،

وإفشاؤها يتنافى مع النية السليمة وربما يعتبر شكلاً من أشكال التأليب، ومحاولة إضعاف هيبة الدولة، وفي الغالب لا تؤدي الغرض التي كتبت من أجله لهذا السبب بالتحديد.

وقع على هذه العرائض أشخاص من مشارب فكرية مختلفة ، ومثلت منذ مطلع التسعينات وحتى اليوم مطالب متنوعة، إلا أن معظمها ذات مقاصد سياسية وتستهدف إعلان المعارضة، أو لنقول درجة متقدمة من الاعتراض، وهذا الاعتراض هدفه سياسي بالتأكيد، واشتهر بهذه العرائض من يناصحون بالعلن في السعودية، ويقبّلون الأيادي في دول أخرى بالخفية، وهو شكل من أشكال الاحتساب المسيس، وهم بعملهم لا يحتسبون في إنكار المنكر، بل يحتسبون في العمل على إسقاط الدولة، والتقرب إلى أسياد الفكر الضال.

لم يتوقع أحد أن يستخدم هذا الأسلوب غير المحبب اجتماعيا وغير المقبول شرعيا، قضاة يفترض فيهم الحكمة والرزانة، إضافة إلى المعرفة والدراية بالآداب الشرعية والأعراف الاجتماعية، كما يفترض فيهم الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، وأن لا ينغمس القاضي بالسياسة مهما حصل، وأن يحترم المكانة التي أنعم الله بها عليه، وهو يمثل الشرع في إحقاق الحق وإقامة العدل.

استخدم مائتا قاض هذه الطريقة في التعبير عن رأيهم، وبعلنية فضحت المقصد السياسي من هذه العريضة أو الخطاب أو مذكرة الاحتجاج.. لا أخوّن هؤلاء القضاة وهم ينتمون للسلطة القضائية الموقرة، التي نعرف عنها السمو والارتقاء عن منزلقات الفتنة، ومنحدرات الشقاق والنفاق، ولكنهم للأسف يمثلون جزءا من مشكلة القطاع القضائي، ومن اعتاد على شيء سيقاتل بكل الطرق حتى لا يخسر ما اعتاد عليه، وبلا شك هم يمثلون تيارا يرفض تطوير القضاء، ويرفض تسريع وتيرة الإنجاز، واحترام حقوق المواطن.

هؤلاء يدافعون عن مصالحهم، ويؤلمهم كثيراً، أن يكون على رأس وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء، عالم مخلص لدينه ووطنه، وشيخ لا يقبل بالأجندات، ولا يرضى بالانحراف، ويهمه نفض الغبار المتراكم طوال السنين الماضية.

ألم ير هؤلاء الذين أقلقهم نجاح القطاع العدلي بقيادة رئيسه في تقديم الأنظمة الثلاثة التي أقرها خادم الحرمين الشريفين قبل عدة أيام، والتي تعتبر العمود الفقري لمرحلة جديدة في الأنظمة القضائية السعودية، ونال القطاع القضائي الشكر والتقدير الكبيرين من الملك وولي العهد.

ولم يعلم هؤلاء مدى التطور الذي يشهده القطاع، ولعل الخطوة المهمة المتمثلة في قضاء التنفيذ، تخرس الكثير ممن يتصيدون، لأنه يؤكد الحزم في تحقيق العدالة، والعزم على رفع المظالم وفق النظام المتعلق به.

ومشروع الملك عبدالله في المسار الصحيح، لتحقيق الهدف الذي قام من أجله لتطوير هذا القطاع الهام، والرفع من قدرات رجاله، وتنقيته من كل ما يوقع الظلم أو لا يحقق العدالة الكاملة، والتخفيف على المواطن، وضمان حقه بأسرع وقت ممكن، وبشفافية.

أشفق على القطاع القضائي الذي يضم عددا من أصحاب الأهواء، ومنتمين لتيارات فكرية وأشخاص لهم صلات حزبية، ويضم أيضاً فاسدين يسرقون ويأكلون الأموال بالباطل، ومرتشين وأصحاب غايات خبيثة، ولأنهم أصبحوا في مواجهة مع وزير نفض غبار الوزارة وكشف الكثير من الحيّل وفتحت ملفات مجلس القضاء، ولم يسمح بأي تجاوزات، وقف من وقف بوجهه، ولو كان ضعيفاً يمكنهم الضحك عليه لمدحوه وطبلوا له، لكنهم اصطدموا برجل قوي أمين، يحاولون الآن مواجهته لكن هم في النهاية الخاسر الوحيد.

يجب أن تبقى ساحة القضاء مصانة، وأن يبقى للقاضي هيبته ومكانته، دون الدخول في صراعات فكرية وحزبية سياسية، يدعمها كتاب ومنتمون لجماعات دينية سياسية في الخارج، يريدون تصوير خطاب المائتي قاضي على أنه حراك سياسي معارض ويزيدون في كتاباتهم، لاستثمار ذلك في حربهم الشرسة على الدولة.

الرد على هؤلاء لا يكون في عريضة مواجهة لعريضتهم، بل في تجاهلهم، أو في تقديمهم للتحقيق، ليتبين الحق من الباطل، وإذا ثبت أن ما كتبوه صحيحاً سيكون الجميع معهم، وليس فقط شلل الإخونجية، ومجموعات التأليب والترهيب هنا وهناك.

Towa55@hotmail.com

@altowayan

مقالات أخرى للكاتب