Saturday 07/12/2013 Issue 15045 السبت 03 صفر 1435 العدد
07-12-2013

“المشهد الثاني” إيران الودودة الناعمة!!!

يبدو أننا في منطقتنا الخليجية نشهد عملاً غير منطقي ولا عقلاني من قبل ساسة ومسئولي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فجأة تلبسوا لباس العقل والمنطق وانطلقوا في المنطقة داعين إلى فتح صفحة جديدة من التعاون مع دول المنطقة. نسوا وتناسوا أنهم هم أنفسهم من كان ينادي بأن الخليج هو ملك لإيران تتصرف فيه كيفما تشاء، وبأن البحرين ليست إلا جزء لا يتجزأ من إيران، وبأنهم باستطاعتهم أن يشعلوا نيران الحرب متى ما أرادوا. نسوا أو تناسوا أنهم من خرب العراق ويتدخلون بشكل سافر في سوريا واليمن، ويسعون بلا هوادة لنشر التشيع في كل البلاد العربية، ويحتلون ثلاث جزر إمارتية، ويدبرون المكائد لزعزعة أمن وسلم العالم العربي، فما الذي حدث لتنقلب كل معطيات إيران فيما يخص علاقاتها مع دول الخليج العربي والعالم العربي؟، من علاقة تهديد ووعيد إلى دعوة لا ينقصها لتكون درامية سوي قطرات من الدموع، التي لن تكون قطعاً سوى دموع تماسيح.

هل كل ما يحدث من رسائل تودد إيرانية لدول المنطقة هو بسبب انفراج في ملفها النووي مع الغرب بعد توقيعها على اتفاق جنيف في الثامن والعشرين من شهر نوفمبر المنصرم مع دول خمسة زائد واحد لوضع حد لملفها النووي المثير للجدل بعد عشر سنوات من الشد والصراع والجدل العلني الذي شغل كل وسائل الإعلام العالمية في مشهد في غاية الغرابة لا يجد أكثر المحللين خبرة تفسيراً منطقياً له. ولعل ما يمثاله أو قد يقاربه في الإثارة والغرابة هو مفاوضات الفلسطينيين مع الإسرائيليين لإقامة دولة فلسطينية لم يحصل الفلسطينيون من هذه المفاوضات إلا على زيادة لا مثيل لها في تاريخ الصراع العربي الفلسطيني في وتيرة الاستيطان وتهويد مدينة القدس. ما هي الرسالة التي ترغب إيران توجيهها لدول المنطقة بعد الحل المؤقت لملفها النووي الذي لم يجف حبر اتفاقه حتى برز خلاف على لبه وهو الحق في التخصيب. الرئيس الإيراني حسن روحاني يقول بأن التخصيب حق لا رجعة فيه لإيران وبكل المستويات خصوصاً في مفاعل أراك، وبالمقابل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يصرح بأن الاتفاق لم يضمن حق التخصيب لإيران. ولعل الفائدة الوحيدة من هذا الجدل هي أنه لا بد أن هناك أجندة خفية وراء الاتفاق، مردها كون أن أهم طرفية لديهما خلافات جذرية في تفسيره.

والأمر الأكثر غرابة في موضوع التودد الإيراني المفاجئ لدول الخليج هو طلب المعارضة البحرينية وعلى رأسها جمعية الوفاق من الحكومة البدء في مفاوضات لحلله الوضع السياسي، وحديث العديد من رموز المعارضة البحرينية على أهمية دور خليجي في إيجاد حل للازمة البحرينية، بل ذهب بعض رموز المعارضة لطلب مبادرة خليجية علي غرار المبادرة الخليجية لحل مشكلة اليمن. وهذه الدعوة وحدها تؤكد على أن هناك أمراً يدبر بليل ويبدو طلب المعارضة التي كانت ترفض دوماً التفاوض وإن حدث تعوقه كمن يضع السم في الدسم، أو ككلمة حق أريد بها باطل.

تبقى العديد من الأمور التي توضح بأن التودد الإيراني وراءه ما وراءه والوقائع تؤكد دائماً بأن ساسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية كالذئاب لا يهرولون عبثاً. لعل وراء كل هذا السيناريوهات من التودد دور إيران جديد تم توجيها للقيام به من طرف الدول الكبرى. في مشهد ثانٍ من مسرحية لعلاقاتها مع دول المنطقة تتحول فيه إيران من قوة تهدد ليل نهار وبأنها سوف تشعل المنطقة ناراً، إلى إيران الناعمة المتوددة اللطيفة التي تلعب على مقولة بأن للعرب ذاكرة سمكة فهم ينسون بسرعة الإساءات. ولعل ما سيتمخض عنه مؤتمر جنيف الثاني القادم بخصوص الأزمة السورية سيكشف شيئا من غموض التحرك الإيراني.

Alfal1@ hotmail.com

باحث اعلامي

مقالات أخرى للكاتب