Tuesday 28/01/2014 Issue 15097 الثلاثاء 27 ربيع الأول 1435 العدد
28-01-2014

السينيور في الشورى اليوم

كتبت في هذه الزاوية قبل عدة أشهر عن كبار السن في المجتمع، وذكرت أنهم هنا، وفي كثير من المجتمعات العربية لا يحظون بأي اهتمام، على خلاف ما يحدث في الغرب، من تسميتهم ب «السينيور سيتزن» ومنحهم مزايا رائعة، سواء على المستوى المادي، من حيث التخفيضات لبعض الخدمات، بل وتقديم بعض الخدمات مجاناً، أسوة بالأطفال، بالإضافة إلى الدعم المعنوي بتقديم كافة التسهيلات اليومية التي تشعرهم باحترام الجميع لهم، في تخصيص أماكن لهم في النقل العام، وتقديم خدمات لهم في المطارات، وهكذا...

وكم أسعدني أن مجلس الشورى سيناقش اليوم الخدمات والمزايا التي يمكن تقديمها لكبار السن في مجتمعنا، خاصة أن الدين الإسلامي يحث على احترام كبار السن وتقديرهم، وجعلهم دائماً في المقدمة، فضلا عن أن الدول المتحضرة تفعل ذلك، ولعل شعور أعضاء المجلس أن هؤلاء المسنين قد تزايدت أعدادهم في المجتمع في السنوات الأخيرة، نتيجة لارتفاع معدل متوسط العمر في المملكة.

صحيح أنه قد يحتاج بعض المسنين إلى إعانة مالية شهرية، خصوصا ممن يعانون من العوز والفقر والحاجة، ولكن الأمر الأهم، وبدلا من منحهم إعانة مالية شهرية، لا تنفع ولا تغني من جوع (لا تقل عن 50% من الحد الأدنى للأجور) يجب التركيز على نظام دعم المسنين في التسهيلات المقدمة لهم، سواء في الخدمات المقدمة لهم، أو في الخصومات التي يحصلون عليها بمجرد وصولهم إلى سن الستين أو الخامسة والستين، فمساعدتهم في توفير مصروفاتهم أهم بكثير من منحهم بضعة ريالات لا تنفع مع تزايد ارتفاع المستوى العام للأسعار!

في معظم دول العالم يتم وضع قوانين مهمة تعتني بكبار السن، أو ممن يسمون «سينيور سيتزن»، ولكل دولة قوانينها، والسنة التي تنبهت بهؤلاء، ويكفي أن ألمانيا على سبيل المثال وضعت قانونا ينظم حياتهم منذ عام 1880، ولكل دولة تفاصيل قانونها الذي يركز على جوانب ترى أهميتها بالنسبة للمسنين على أراضيها، وإن كانت تشترك في معظم النقاط والتفاصيل للأمور الطبية والعلاجية والإيوائية وغيرها.

ولكن قد لا نعاني كثيراً من معيشة هؤلاء المسنين لوحدهم، كما في العالم الذي يتواجد فيه أكثر من أحد عشر مليونا ممن هم فوق الخامسة والستين يعيشون لوحدهم، صحيح أننا مع المدنية والحياة العصرية بدأنا نجد هؤلاء يعيشون بمساكن لوحدهم تحت عناية الخادمة أو الممرضة، إلا أن القيم الاجتماعية الأصيلة، وربما القيم الدينية التي تحض على البر بالوالدين، بل ربما حتى خجل الأسر من كلام الناس حينما يتركون كبارهم يعانون من الوحدة والهجران، لكنها في كل الأحوال أقل مما هو موجود في العالم.

في المقابل، وبشكل واضح وجلي، يعاني هؤلاء المسنين من عدم توفر العناية الطبية، لا يجدون سريرا عند الحاجة، ولا تتوفر لهم فرص الإنقاذ في أسرة العناية المركزة، بل أذكر من خلال تجربتي مع والدتي - يرحمها الله - أن هناك عرفا طبيا غير مكتوب، بأن الأموال المنفقة على علاج هؤلاء المسنين هي أموال مهدرة، فيجب عدم إضاعتها على ممن هم على شفا الموت، وكأنما نتعامل مع الإنسان بمنطق الحساب والأرقام، بشكل مهين ومؤلم!

أتمنى على أعضاء مجلس الشورى اليوم، أن يدركوا أن هؤلاء أفنوا أعمارهم في خدمة هذا الوطن، وبذلوا الكثير له، وعليه أن يعتني بهم في خريف العمر.

مقالات أخرى للكاتب