Monday 03/02/2014 Issue 15103 الأثنين 03 ربيع الثاني 1435 العدد
03-02-2014

بنك التسليف .. والادخار؟

هناك مثل ألماني يقول (ادخر البنسات - أجزاء العملة - أما المارك فإنه يعرف طريقه)، لكل مكسب ثمن يدفع مقابله، ولعل مما دفعه المجتمع السعودي منذ الطفرة الأولى منتصف السبعينيات الميلادية هو انحسار أو غياب ثقافة الادخار نتيجة شيوع ثقافة الاستهلاك وندرة القنوات الاستثمارية والادخارية للمواطن العادي.

الطفرة التي أتت نتاج ارتفاع أسعار النفط منتصف السبعينيات الميلادية والتي فتحت معها الدولة خزانتها لإطلاق مشاريع البنية التحتية ومعها فتحت أبواب الاستيراد من معظم دول العالم، مع ارتفاع مداخيل الشعب مقارنة بالفترة التي سبقتها، كل هذه خلقت رغبة أو نهما لاقتناء ما وصل للبلد من منتجات ظل معظم السكان بعيدين عن تناولها في السابق إضافة إلى احتياجاتهم للبناء وإطلاق حياة جديدة. ولعله من المفيد التذكير أنه حتى عام 1965م كان 80% من المجتمع السعودي رعويا، ومع انطلاق الطفرة بالكاد كان المجتمع لتوه خارجا من مرحلة اجتماعية إلى أخرى أو أنه يعيش فترة انتقالية ونعرف ما للفترات الانتقالية من أحوال وظروف، وكإجراء حكومي لرفع مستوى المعيشة للمواطن أنشأت الدولة بنكا للقروض هدفه إعانة المواطن على تحسين ظروف معيشته وذلك عام 1971 م واسمه (البنك السعودي للتسليف والادخار). استمر هذا البنك كما نعلم في أداء عمله مارا بفترات اقتصادية متفاوتة حسب ميزانية الدولة، إلى أن تم تجديد كيانه وأهدافه عام 2007 ليكون داعما للمشاريع الصغيرة واستثمار المواطن العادي مع رفع ميزانيته وضخ المزيد من الأموال إلى خزينته. وحسنا فعلت الحكومة حتى لا يرتمي المواطن في أحضان البنوك التجارية بخبرته المحدودة وهو ما يحدث الآن من قبل شريحة من المواطنين في الاقتراض العقاري والاستهلاكي مع الأسف الشديد، ونعلم تأثير ذلك اقتصادياً واجتماعياً على المجتمع، لذا دور هذا البنك الحكومي مؤثر وكبير لو طورت برامجه وعمل بعقلية البيوت الاستثمارية بضوابط اقتصادية إسلامية.

ولعل أهم ما يقدمه مثل هذا البنك بعد الإقراض الاجتماعي هو مساعدة الناس على الادخار، والعجيب أن هذا جزء من اسمه، أي أن هذا من أول أهدافه وأهم مبادراته، ومع هذا لم يقدم البنك منذ تأسيسه إلى اليوم برامج للادخار، تضبط السلوك الاستهلاكي للمواطن وتحفظ قرشه الأبيض ليومه الأسود كما يقول المثل، وتنمي له هذا المال حتى يكون ذخرا له ولأولاده بعد عون الله تعالى. وحقيقة قبل أن أكتب هذه السطور قمت بزيارة موقع البنك السعودي للتسليف والادخار على الشبكة العنكبوتية وسررت بوجود استفتاء للمواطنين عن الادخار وتطبيقه والاقتراحات حوله، وعن الدور الذي يمكن للبنك أن يساهم به في هذا المجال الذي يتوق إليه المواطنون، في ظل غياب جهة موثوقة لا تنظر إلى المواطن على أنه رقم يضيف إلى رصيدها وخزينتها كما نراه ونشهده من قبل بعض المؤسسات المالية والبنوك من إغراء للمواطن بشتى الطرق وفي كافة الوسائط للاقتراض والمزيد من الاقتراض.

هل هي نقلة إدارية طال انتظارها لسنين طوال ؟ هذا ما نأمله، لأن مثل هذه المبادرات التنموية هي ما يحتاجه أفراد الطبقة الوسطى بالخصوص، لأن الطبقة الغنية لها قنواتها الاستثمارية التي تعرفها، أما أفراد الطبقة المحتاجة فإنهم أحرى بالمساعدة المباشرة سواء من الحكومة وهو ما يتم من خلال وزارة الشئون الاجتماعية أو من خلال أصحاب الأيادي البيضاء من أهل الخير. إن البنك بهذه المبادرة المأمولة يعلم الناس صيد السمك بدل إعطائهم سمكا وترفع الوعي الاقتصادي وتشيع الطمأنينة لدى المواطن وتحفظ نقوده بدل ضياعها في مستهلكات لا تعود عليه بالنفع المديد عوضا عن نزف الأموال المحولة للخارج من هذه المحلات والمتاجر على اختلاف صنوفها والتي تخنق الأحياء وتطوقها وتملأ شوارع المملكة طولاً وعرضاً وكأننا مجتمع لا يفكر إلا في ملء بطنه أو بيته بالحسن والرديء من البضائع. فهل يبادر البنك وينفض عنه غبار الزمن ويضيف منجزاً حضارياً طال انتظاره؟ اللهم آمين.. بارك الله في أرزاقكم.

romanticmind@outlook.com

تويتر @romanticmind1

مقالات أخرى للكاتب