Tuesday 11/02/2014 Issue 15111 الثلاثاء 11 ربيع الثاني 1435 العدد
11-02-2014

لماذا لا للجنادرية ولا لمعرض الكتاب؟!

كلما اقترب موعد المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) أو معرض الرياض الدولي للكتاب، تعالت الأصوات الكئيبة، الأصوات الحانقة، بأنها لا تريد هذا المهرجان، ولا هذا المعرض، وذلك كرها للثقافة وللفنون وللآداب، حتى لو تباينت النوايا، والمسببات، مرة تحت حجج ومبررات الاختلاط والأفعال المشينة (لذلك توقعوا عددا من الكليبات المزيفة عن الجنادرية) ومرة تحت الادعاء بأنها تستهلك خزينة الدولة مئات الملايين، وأن المشاريع الخدمية للمواطن أهم من الرقص والدفوف، وكأن هذا المهرجان المتنوع مجرد لوحات فنية استعراضية فقط، رغم أهمية هذه الفنون في ثقافة إنسان هذا الوطن وتكوينه. وكأن هذا المهرجان لا يحمل تشكيلا للثقافة، بما يحمله من لوحات تراثية، ومحاضرات وندوات متخصصة، رغم أن المهرجان لم يعد يهتم ببعض الفنون، التي كان سابقاً يعنى بها، كالمسرح والتشكيل.

ولعل اللافت في الأمر، أنه رغم عيشنا في الألفية الثالثة، إلا إن ثقافة التخلف لدينا ما زالت تثير الأسئلة باستمرار حول جدوى الفنون والآداب، وحتى الرياضة في حياة الإنسان، مع أن هذه الحقول وغيرها، رغم أهميتها في تكوين ثقافة الإنسان ووعيه، أصبحت مصدر دخل لكثير من الدول، وباتت تُدرج ضمن عناصر الدخل الوطني للدول، بما تحتوي عليه من تشغيل وإدارة لأندية رياضية عملاقة، ولقطاع نشر وتوزيع، وإنتاج فني، وصالات فنون ومعارض كتب... إلخ.

كثير من المدن في العالم تفخر بأنها تمتلك أقدم معارض الكتب والمهرجانات الثقافية وأعرقها، كثير من المدن في العالم تفخر بفنان تشكيلي ينتمي للقرن الثامن عشر مثلا، أو أديب وكاتب لم يزل منجزه الأدبي والفكري متداولا على مدى قرون طويلة، بينما على العكس، نجد بيننا من يبحث عن أسباب واهية، ووهمية، للإساءة إلى مهرجان وحيد ويتيم، كالجنادرية، ومعرض كتاب وحيد تستضيفه العاصمة، يعدّ له القراء الأيام والشهور منتظرينه بشغف، ويشد له المواطنون رحالهم من مختلف مدن المملكة، ونجد بيننا من يسيء إلى الفنانين والأدباء والكتاب، وكأن المجتمع لا يقبل هذه الفئات رغم أهميتها وتأثيرها في مختلف الثقافات والدول، حتى أن تبرير قيمة مهرجان الجنادرية لا تُقبل من هؤلاء، لأنهم يشيرون إلى ضرورة المهرجان لأسباب ثقافية وفنية وتراثية، بينما تُقبل من شيخ يؤكد على أصالة هذا المهرجان، واهتمامه بالتراث فقط، وكأنما الفنون والآداب رجس يجب الحذر منه أو تحاشيه!

علينا أن ندرك أننا بحاجة كبيرة إلى هذا المهرجان، وهذا المعرض، بل نحلم بالمزيد من الأنشطة الأدبية والفنية في العاصمة، ونتمنى أن تصبح عاصمة الفنون والآداب في العالم العربي، ويقصدها السياح من كل بلدان العالم، ونحلم أيضاً بأن تتنافس المدن لدينا بالمهرجانات الثقافية المختلفة، التي تشيع الفرح والسعادة، نحلم أن تتحول الرياض وأخواتها من مدن المملكة إلى مدن تنثر الابتسامة، وتزيح عن كاهلها الكآبة والتجهم، وكأنها مدينة عجوز هرمة، رغم شبابها وصغر سنها، نحلم بأن تعود الروح لهذه المدينة الرائعة، بعودة الحياة إلى كل أنحائها، فهي مدينة جميلة تستحق الأمسيات الأدبية والشعرية، والأمسيات المسرحية والسينمائية، والأمسيات الغنائية والفلكلورية، تماماً كما هي لحظة ابتهاجها في ليلة عرس كروي كبير!

مقالات أخرى للكاتب