Tuesday 04/02/2014 Issue 15104 الثلاثاء 04 ربيع الثاني 1435 العدد
04-02-2014

فخ البنوك والوعي به!

قبل ثلاثين عاماً أو أكثر قلما تجد مقترضاً من البنوك التجارية، لأسباب كثيرة منها قلق المواطن من التحذير الشرعي من التعاملات البنكية، وعدم استشراء المظاهر الاستهلاكية، وكذلك عدم تقديم البنوك آنذاك تسهيلات بنكية يسيل لها اللعاب كما هي الآن، فليس أسهل من أن يجلس العميل في مكتب أنيق، ويرتشف القهوة، ويقوم بالتوقيع على بضعة أوراق، لا يدققها جيداً في الغالب، ثم يخرج مبتسماً من البنك، واضعا النظارة الشمسية على عينيه، وفي الغد يسمع رنة جميلة في جواله تفيد بأن مبلغ بمئات الآلاف ينام في حسابه!

يحدث أحياناً أن يذهب عصراً إلى إحدى وكالات السيارات الفارهة، بصحبة زوجته، وينفق المبلغ رغم أن سيارته لم تتقادم، بينما الآخر يرتب سفرا باذخا بصحبة عائلته الصغيرة إلى إحدى الدول الأوروبية، ليصرف مبلغاً سيبقى بعده سنوات ثقيلة يعاني من سداده، وربما إعادة جدولته من جديد، وبالتالي المزيد من الفوائد المركبة!

قد يقول كثير من الخبراء في الاقتصاد إن من حق البنوك أن تبحث عن كل فرص الاستثمار حتى لو تضرر المواطن وتورط في ديون فوق طاقته، لأن الطبيعي أن المواطن كامل الأهلية، ويدرك قدرته على السداد، ومدى أهمية القرض له، وهل سينفقه على سلعة ضرورية كشراء مسكن، أو استكمال ثمن شراء عقار، أو إجراء عملية جراحية لا سمح الله، أم سينفقه على سلعة كمالية كسيارة فارهة، أو سفر للرفاهية، وما شابه ذلك.

هذا صحيح جداً، لأن الطبيعي أن يكون الإنسان مسؤول عن تصرفاته، ولكن ماذا لو كانت هناك برامج توعية لهذا الإنسان، تبث عن طريق وسائل الإعلام، والمحاضرات، ووسائل التواصل الاجتماعي، وخطب الجمع، توضح له الأسباب الضرورية للحصول على القروض الشخصية، وتحذره أيضاً من استخدامات البطاقات الائتمانية، التي أيضاً أصبحت عبئاً على المواطن الذي يستخدمها في مختلف الحالات، حتى في شراء سلع كمالية قد لا يكون بحاجة إليها، وبشكل يجعله أسيرا للديون!

فكما تسعى البنوك إلى التفنن في وسائل نصب الفخ للمواطن، وتسهيل وضع سيولة مغرية في حسابه البنكي، لماذا لا تقدم له النصيحة والاستشارة في النظر إلى استخدامات القرض المطلوب؟ لماذا لا يحرص الموظف على مصلحة المواطن كما يحرص على نسبته التي يظفر بها من توريط هذا الجاهل؟ لماذا لا يؤدي عمله بشكل نزيه، ويكون فعلاً في مستوى خدمة العملاء، لا في مستوى خدعة العملاء؟

أكاد أجزم أن كثيراً من عملاء البنوك لا يقرؤون شروط القروض الشخصية، ولا يدركون ما لهم وما عليهم، فضلا عن عدم وعي معظمهم بتبعات هذه القروض الشخصية، وكيفية الاستفادة منها، وبالتالي تتحول إلى قيد يؤذي كثيراً من المقترضين، وتضرر الكثير من الأسر!

ولا تقتصر جهات التمويل بالقروض على البنوك فحسب، بل إن هناك مكاتب تقوم بتقديم القروض بشروط مجحفة، وتستخدم كل وسائل الترويج من الإعلانات ورسائل الجوال وغيرها، ثم تلاحق المتورطين بعد تأخرهم وعجزهم عن السداد، ولا أحد يعرف عن قانونية غالبية هذه المكاتب ونشاطاتها، خاصة أنها لا تخضع لتعليمات مؤسسة النقد وشروطها بالتزام نسبة محددة من الراتب وعدم تجاوزها، وعدم مديونية العميل لدى جهات تمويل أخرى.

مقالات أخرى للكاتب