Sunday 16/02/2014 Issue 15116 الأحد 16 ربيع الثاني 1435 العدد
16-02-2014

اضرب ثم اعتذر .. ثم (حُط بالخرج)؟!

يقيني أن الاستمرار في ارتكاب المحظورات.. لا يمكن إدراجه بأي حال ضمن قوائم ومصطلحات ما يُعرف أو يُعرّف بالأخطاء.. فالأخطاء سمة من سمات البشر التي تختلف في أنواعها وأبعادها وتأثيراتها، وحتى في كيفية حدوثها، وهل هي مقصودة أم عفوية، بمعنى أنه ليس فينا من لا يخطئ، ولكن تظل ثمة فوارق بين ما يمكن أن يكون في إطار المقبول القابل للاعتذار شريطة عدم التكرار، وبين عكسه.

** أما استمراء الاستمرار في ارتكاب المحظورات، والخروج على الآداب والقيم، والطعن في الخاصرة، والإصرار على ممارستها وارتكابها على أوسع نطاق، وعبر الوسائل الإعلامية الأوسع انتشارا مع سبق الإصرار والترصد.. وعلى أيدي من تم وضعهم على رأس العمل.. فإن من البلاهة، بل من (المهانة) إدراجها ضمن مصطلحات الأخطاء.. وإنما هي جرائم.

** على سبيل المثال: تخيل أنك تتسوق في أحد الأسواق الكبرى المزدحمة بالمتسوقين، وفجأة يظهر أحد الذين تعرفهم ويعرفونك حق المعرفة، ثم يوجّه لك صفعة قوية غادرة على وجهك (تكرمون) اهتزّت لها أنظار كل من في السوق، ثم لا يجد أدنى مشقة في محاولة إقناع الجميع بأن ما حدث ليس إلاّ مجرد خطأ بسيط.. في الوقت الذي تعلم بأنه خطط، وهندس، وعمل بعناية على تنفيذ عملية الاعتداء عليك بتلك الكيفية والصورة !!!.

** ليس سراً أن القائم على البرنامج الرياضي الفضائي الذي أساء عامداً متعمداً للمواطن (سامي الجابر) قد انتدب وحرّض وخطط لتلك الإساءة بعناية ومن ثم نشرها، بشهادة بعض الجماهير المنشورة عبر وسائل الإعلام، من أنه أغرى وسعى وعمل على استدراج بعض الجماهير في سبيل تحقيق ذلك الهدف، والذي تبين فيما بعد بأن المراهق الذي نفذ العملية إنما هو مدسوس!!!.

** كذلك ليس سراً بأن ملف ذلك البرنامج والقائم عليه إنما يعج بالعديد من الأعمال (المخزية) المماثلة، لعل أقربها إلى الذاكرة تبني ونشر المقطع المفبرك الذي يظهر فيه المواطن والحكم السعودي (عبد الرحمن العمري) وهو يتحدث باللهجة اليمنية الصرفة من باب الاستهزاء والطعن في انتمائه الوطني ؟!!.

** ولم يعد سراً أن وراء ذلك البرنامج والقائم عليه (امبراطوراً منتفخاً) أكثر نفوذاً وأكثر سطوة وقدرة على حماية مخالبه ومعاوله (الهدامة) من أي مساءلة أو محاسبة.. والدفع بها لارتكاب المزيد من الأذى والفتن والمخازي!!.

** وليس سراً أن القائم على ذلك البرنامج (الذي لا يُذكر اسم الله فيه) من منطلق الكِبر والتكبر.. له من السوابق المخزية ما يندى له الجبين.. فالكل يعلم كيف ولماذا تم طرده من رئاسة تحرير الصحيفة التي كان يديرها قبل أن يتحول إلى (وجه) فضائي، وبرنامجه إلى بؤرة أحقاد وتصفية حسابات.. بمعنى (أنك لا تجني من الشوك العنب) على رأي المقولة العربية المتوارثة؟؟!!.

** قد لا يعلم البعض من القراء والمتابعين شيئاً عن خلفية القائم على ذلك البرنامج، والبيئة التي هو أحد مخرجاتها، فهو أحد التلامذة النجباء في المدرسة التي بدأت مشروعها المدمر للتنافس الرياضي الشريف بالاعتداء على حُرمة منارة المسجد بدافع الحقد، ثم توسعت شيئاً فشيئاً في مناهجها إلى أن بلغت الأمور ما بلغته اليوم من اتساع في رقعة الكراهية، والخروج بالتنافسات الرياضية من إطارها وعقالها وميادينها، والذهاب بها إلى مستنقعات التطرف.. نعم: إنها البيئة والمدرسة التي أنتجت العديد من النجباء في فن التزوير والفبركة وتلفيق التهم للأبرياء، والمساس والخوض في أعراضهم دون وازع من قيم أو مبادئ، إلى درجة القيام بالعبث في صورة الرجل المسلم الساجد (لله عز وجل)، وتطويعها تقنياً لتظهره ساجداً لبشر مثله لا يدين حتى بالإسلام، كل هذا في سبيل إشباع نزعة التطرف في التعاطي مع المنافسين، والتعبير عن مكنونات وتراكمات وأحقاد تحولت مع الوقت إلى مفارز (للقيح والصديد).. يعني الرجل لم يخرج عن البيئة التي نشأ وترعرع فيها.. ولأنه من النجباء، فلابد أن يكون أكثر وفاءً لها وذلك من باب (من علمني حرفاً كنت له عبداً).

** وأخيراً.. لم يعد سراً، ولا مستغرباً، أن ترتفع وتيرة استباحة الشأن الهلالي الكيان ورموزه، وأن تتسع وتتعمق رقعة النيل منه، والإساءة إليه جهاراً نهاراً، وعبر كل الوسائل.. فالحديث الشريف يقول: ( إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية).. حتى وإن كان مغزى هذا الحديث مغزىً عقائدياً، إلاّ أنه ينسحب على الكثير من الأمثلة والمواقف والمعاني.

** ذلك أن هلال اليوم لا يمثل هلال الأمس في شيء إلاّ من حيث الاسم والشكل فقط.. فهو يعيش حالة من (اليتم) الإداري والشرفي إلى درجة أضحت مسألة استباحة أبسط حقوقه، فضلاً عن الإساءة إليه متاحة (للي يسوي واللي ما يسوي)؟!!.

** هاكم هذا المثال البسيط الذي يدعم ويؤكد ما قلته:

** في البرامج التلفازية لقناة (الوطن) التي سبقت مباراة نهائي كأس سمو ولي العهد -حفظه الله-.. ورغم أن اللقاء (ديربي) ما يعني انتفاء خصوصيات الأرض والجمهور لأي منهما، وبالتالي وجوب التعامل مع طرفي اللقاء بمنظار ومكيال واحد.. إلاّ أن منظار (قناة الوطن) ومكيالها ضلا الطريق في هذه المسألة.. إذ صرفت جُل الوقت والمساحة في تغطية حركات وسكنات جماهير النصر، كما لو أنه صاحب الأرض والجمهور، في حين تعاملت مع جماهير الهلال كما لو أنها جماهير أحد الفرق (الموزمبقية) الزائرة.. وقس على هذا الكثير والكثير من الأمثلة التي تبرهن على أن سيد آسيا أضحى جداراً سهلاً ومتاحاً لكل من يريد أن يتسلقه والعبث بحقوقه رغم أنه كبير القوم، وعندما يهون ويهان كبار القوم فقل: على الدنيا السلام.. الأدهى والأمر أن مقدمي البرامج الذين قرّبتهم الإدارة، وعاملتهم معاملة خاصة جداً جداً.. هم الذين يضربون الآن بلا هوادة، وبكل خِسّة، في عمق الشأن الهلالي!!.

** ولكي أقطع الطريق على أي (مدرعم) لا يرى أبعد من حدود أرنبة أنفه، كي يأتي ويقول: النصر البطل وبالتالي من حقه وحق جماهيره أخذ مساحة أعرض.. فأقول: لاحظوا بأنني قلت البرامج التي سبقت اللقاء.. أما ما جاء في أعقابه من احتفاءات واحتفالات برامجية بالبطل فلا اعتراض عليه، وهو حق مشروع.. وإن كانت قد تلطخت ببعض المشاهد التي اختلط فيها حابل أمناء الرسالة الإعلامية، بنابل حملة الدفوف وقارعي الطبول، فالكل حينها كانوا كتلة واحدة، بعدما انصهروا جميعهم في بوتقة اللون الواحد!!.

مقالات أخرى للكاتب