Tuesday 04/03/2014 Issue 15132 الثلاثاء 03 جمادى الأول 1435 العدد
04-03-2014

المستشار الأسري «الوظيفة الأهم في عصرنا المتسارع»

الأسرة هي الركيزة والأس في بناء المجتمع المتراص، واستقرارها فضلاً عن استمرارها مطلب ديني ووطني وذاتي. ومع الكم المعرفي الذي تلقاه كل من طرفَي هذا الكيان الوليد «الزوج والزوجة» قبل ولوجهما عش الزوجية إلا أن الأرقام والحكايات تؤذن بخطر، وتدل على وجود خلل رهيب داخل بيوتنا وفي أوساطنا الاجتماعية؛ ولذلك كان من الأهمية بمكان وجود جمعيات «مدنية» متخصصة في الأسرة، تلعب دوراً رئيساً في التكوين والتهيئة والتوجيه والإرشاد.. شعوراً بالواجب، وإيماناً بالمسؤولية المجتمعية. فقد تنادى جمع من أبناء حائل، يتقدمهم قضاة وأساتذة جامعات ومصلحون ومحسنون، لتأسيس جمعية خيرية، يكون من وكدها الاهتمام بالأسرة، ورعايتها، وتهيئة المقبلين على الزواج ودعمهم وتوجيههم طمعاً في تحقق نجاحهم في مستقبل حياتهم الجديدة. وعلى يد هؤلاء - بعد عون الله وتوفيقه - كان ميلاد جمعية «وفاق» الخيرية لتيسير الزواج ورعاية الأسرة قبل ثلاث سنوات أو يزيد.

ولأهمية الاستفادة من خبرات من سبق في هذا المضمار البنائي والوقائي والعلاجي المهم، وحرصاً على تعزيز الدور المناط بالمستشار الأسري، فقد استضافت هذه الجمعية الواعدة «وفاق» منتصف الأسبوع قبل الماضي الدكتور «جاسم المطوع» المدرب والاستشاري والخبير الأسري المعروف. وكان المنشط الثاني في هذه الاستضافة المتميزة مخصصاً للمهتمين والعاملين في مجال الإرشاد والاستشارات الأسرية.

ومع أهمية ما قيل في ذلك اللقاء إلا أنني أتوقف هنا عند ما جاء في مستهل حديث المحاضر عن أهمية دور المستشار الأسري، ووجوب إعداده إعداداً متكاملاً؛ حتى يستطيع أن يقوم بدوره المناط به على أتم صورة، وفي أحسن وجه، فهو - في نظره - يباشر أهم وظيفة في المجتمع، ولديه أسرار البيوت، وقد يعرف عن واقع المجتمع من الداخل من جراء انتظامه في سلك الاستشارات ما لا يعرفه غيره. وإذا كان المستشار الأسري اليوم يلعب دوراً رئيساً في مجتمعنا المحلي فسيكون دوره أهم في قادم الأيام؛ إذ إن المشاكل تتزايد، والمسافات تتقارب، ووسائل التواصل تتطور، والتغيير في المجتمعات يسير بسرعة لم تكن معهودة من قبل؛ لذا لا بد من الإعداد الجيد والمتخصص للمرشد والمستشار على حد سواء؛ حتى نحمي كياناتنا الأسرية من الشتات، ونقلل نسبة الطلاق، ونحفظ أولادنا من الضياع. وعلاوة على ذلك، لا بد من الرؤية الاستشرافية للمشاكل الأسرية؛ حتى لا يُفاجَأ من اختار القيام بهذا الدور بأنه أعجز من أن يفي بمتطلبات هذه الوظيفة المجتمعية المهمة بعد سنوات معدودة. وإضافة إلى هذا وذاك، لا بد من التخصص الدقيق في مجال الاستشارات الأسرية؛ فهذا متخصص بمشاكل الزوجين، والآخر بذوي الاحتياجات الخاصة، والثالث بالشباب في سن المراهقة، والرابع بالعقوق، والخامس بالفتيات، والسادس و..

والشيء المهم الذي يجب التذكير به هنا أنه «ليس الكل مؤهلاً ليكون مرشداً أسرياً بالشكل الصحيح». كما أن من الأهمية بمكان معرفة الفرق بين الداعية الواعظ والمستشار الأسري.. والدورات التدريبية القصيرة أو حتى طويلة لا تكفي ليكون لدينا مؤهل تأهيلاً صحيحاً؛ ما يخوله بالقيام بمهمة الإصلاح والترميم لما فسد بين الزوجين، أو بين الولد والوالد، أو بين الأخوين أو..

وأهم صفتين لا بد أن يتحلى بهما المستشار - في نظر المحاضر - هما:

الصبر وعدم الملل؛ إذ إن ما يعرض عليه قد لا يكون مجرد مشكلة بل ربما كان إشكالية معقدة ومتداخلة مع غيرها، ولها أكثر من طرف.

الخيال الواسع؛ حتى يتسنى له التفكير خارج الصندوق، وبطريقة إبداعية قد لا تخطر على بال المستشير.

إضافة إلى أنه لا بد أن يكون متابعاً جيداً لإيقاع الحياة اليومي، وقارئاً موسوعياً، ويملك مهارة التعامل مع وسائل التقنية الحديثة، ويعرف الجديد في عالمها، فضلاً عن امتلاكه فن الاتصال والتواصل مع الكل بلا استثناء، يتقن إدارة الصراع بين الأطراف، ولا يمل من السماع، يحترم المخالف، ولا يمارس الأستاذية عليه أو يتحدث من علو، ولا يورد تجاربه الشخصية، ويكثر من «الأنا» حين جلسته مع المستشير، ويحذر كل الحذر من أن يُشعر أياً من طرفي النزاع بأنه يقف في خندق الضد، أو يتعاطف معه؛ فهو لا بد أن يتذكر دائماً أنه فقط مجرد مستشار، يحاول أن يُخرج الكل إلى بر الأمان.

أمنيتي.. أن يعيد الراغبون في الانخراط في هذا المضمار المهم قراءتهم لأنفسهم، ويعرفوا مؤهلاتهم النفسية والمعرفية وقدراتهم ومهاراتهم التعاملية والذهنية والإدارية، كما لا بد من أن يعزز الراغب في الاستمرار في مجال الاستشارات الأسرية ما عنده بالقراءة والاطلاع والمتابعة للجديد في هذا الفن العزيز والمهم..

شكراً للدكتور المطوع «الضيف» ولجمعية وفاق «المستضيف» وللداعم والراعي «مؤسسة الراجحي الخيرية». وإلى لقاء. والسلام.

مقالات أخرى للكاتب