Thursday 07/08/2014 Issue 15288 الخميس 11 شوال 1435 العدد
07-08-2014

نحو مؤتمر عالمي لدعم إستراتيجية الملك عبد الله

كلمة الملك عبد الله بن عبد العزيز يحفظه الله التي وجهها للأمتين العربية والإسلامية وللمجتمع الدولي تعد ذات مغزى مهم جداً للحالة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط خلال هذه المرحلة الراهنة، ونحن نعيش حالة ذات أبعاد خطيرة على البناء المؤسسي للدول والمجتمعات،

وتشكل خطورة على الوضع القائم للمنطقة برمتها.. وهنا يجب أن تنظر دول المنطقة ومؤسساتها ومراكزها الاستراتيجية إلى مغزى هذه الكلمة وإلى أبعادها المستقبلية وتداعيات الوضع الحالي على مستقبل الأجيال ونسيج المجتمعات الشرق أوسطية وخاصة دول ومجتمعات الوطن العربي.

إن «اختطاف الدين الإسلامي» من جماعات متطرفة هو العنوان الرئيسي لكلمة خادم الحرمين الشريفين، وهو يعلم -يحفظه الله- أن هناك فئات من الشباب المغرر فيهم في دول المنطقة وخاصة دول الخليج العربي وبعض الدول الأخرى يقعون تحت حملات تضليل مستمرة بهدف تجنيدهم وتجييشهم لخدمة أهداف عدائية ضد الدين الذي يتسمون به وضد كيانات دول المنطقة ومؤسسات المجتمع العربي والإسلامي. واختطاف الدين الإسلامي يعني تجيير نصوصه وتحريف أهدافه السماوية إلى مقولات دنيوية وتفسيرات ضيقة يتم تفصيلها على خارطة تغيير تطمح إليها تلك الجماعات وهؤلاء الأفراد، ويترتب على ذلك بناء مفهوم للدين مبني على التطرف فكراً، والعنف وسيلة، والشر والقتل والتدمير كأدوات لتنفيذ تلك المخططات..

وإذا نجحت تلك المخططات الشريرة ولن تنجح بحول الله ستكون المنطقة مرهونة لهذه الجماعات لإملاء شروطها وتحديد مطالبها ونشر نفوذها.. وهنا كان تحذير الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتلك الدول ولبعض الجماعات وللأفراد ممن ينخرطون في هكذا مخططات أو من يقدم التأييد والمساندة والدعم إن هولاء هم أوّل من يذهب ضحية بل ضحايا لتلك المخططات الشريرة التي قد لا يستوعبون أبعادها الخطيرة عليهم في الوقت الراهن..

اتسمت كلمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالعمومية للكلام عن أزمة بالغة الخطورة دون تسميات لجماعات أو دول، وذلك لأن المغزى الإستراتيجي لهذه الكلمة يتجاوز المسميات ليعبر عن الأفعال، ويتخطى حدود الراهن ليتحدث عن الأبعاد المستقبلية لواقع المنطقة.. فكلمة الملك عبدالله هي رؤية استراتيجية لخلق تكتل دولي جماعي ضد التطرف وضد جماعات الفتنة وضد فكر التضليل.. وهي محاولة جادة ومخلصة للفت الانتباه نحو مخاطر تعترض أمن واستقرار بلادنا في المملكة وفي الخليج وفي الأمتين العربية والإسلامية. لقد قرأ الملك عبدالله ما يدور في المنطقة من أحداث ومن وقائع وما تطفح به وسائل الإعلام وشبكات الإنترنت من تجييش متعمد لأفراد وجماعات وتجنيد متمرس في بناء كيانات عسكرية، وتطبيل مستمر لتلك الأفكار واحتفالات لانتصارات هنا أو هناك.. نعم لقد قرأ سيدي خادم الحرمين الشريفين الموقف بكل أبعاده الراهنة والمستقبلية، وأعلن للعالم أجمع أن من يصفق لما يحدث في المنطقة سيكون أول الضحايا، وسيكون عرضة لأي نجاح قد يحققه التطرف في المنطقة..

وفي سياق هذا الموضوع وخدمة لأهداف الملك عبدالله بن عبدالعزيز في درء الفتنة عن الأمة العربية والإسلامية فإنني أقترح هنا أن يتم عقد مؤتمر عالمي عربي/ إسلامي/ دولي ليس بالضرورة أن يكون سياسياً بل الأهم أن يكون مؤتمراً فكرياً يناقش مستجدات التطرف وتداعياته على الأفراد والمؤسسات والدول في منطقة الشرق الأوسط. ويسعى المؤتمر إلى دعم الفكر الوسطي في المنطقة العربية والإسلامية وتأسيس وعي مجتمعي بمخاطر الفتن التي تزرعها جماعات الإرهاب والتضليل. فلربما يخرج المؤتمر بمبادرة جديدة من وحي الكلمات والتوجيهات الملكية التي أفضى بها الملك عبدالله بن عبدالعزيز للأمتين العربية والإسلامية وللعالم أجمع.

وحتى تتجسد هذه الرؤية على أرض الواقع فإن مثل هذا المؤتمر العالمي سيجعل الاهتمام أكبر والوعي أعمق بحجم وخطورة الوضع الراهن في المنطقة، كما أن المؤتمر بشخصياته السياسية والدينية والإعلامية والاجتماعية والفكرية والثقافية سيقترح آليات جديدة لمواجهة مخططات تفكيك المنطقة وتجييش العقول ضد القيم الدينية الأصيلة وضد الفكر الوسطي في مجتمعاتنا..

alkarni@ksu.edu.sa

رئيس الجمعية السعودية للإعلام والاتصال،رئيس قسم الإعلام والاتصال بجامعة الملك خالد

مقالات أخرى للكاتب