20-08-2014

وزير الوزارات

الكتابة عن معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر -رحمه الله- يبدو سهلا في البداية ولكنه ممتنع في النهاية كشخصية بالغة التميز في النزاهة والأمانة والالتزام بالمسؤولية في أعماله وعلاقاته على مختلف المستويات، وهو رمز للإخلاص والوفاء وهو رمز للعفة والنقاء.

كريم الأخلاق يحفظ للناس منازلهم ويتعامل مع الجميع بمنتهي الذوق واللطف يعرف حقه ويعرف إمكانياته ومكانته ويتعامل مع الناس بالعقل والواقعية والمنطق يقوم بما يراه واجباً دينياً وأخلاقياً بصرف النظر عن المقابل.

يؤدي الواجب بصرف النظر عن رد الفعل الإيجابي أو السلوك السلبي. يعمل الخير ولا يباهي بعمله ولا ينتظر الشكر وكثيراً ما يبادر بهذا العمل للقريب والبعيد فكل الناس في نظره قريب.

تقلب في مختلف مفاصل الدولة بالأصالة والنيابة بكل تجرد وواقعية يتقدم بطلب أو رأي في موقع ويرفض ذلك الطلب أو الرأي في الموقع الآخر، رغم أنه هو المسؤول في كلا الموقفين منطلقاً من مسؤوليته تجاه كل منهما.

يوصف بالتشدد والتحفظ وعدم المرونة ولكنه لا يتشدد إلا بحق ولا يتحفظ إلا بواجب لأنه في قراراته في كلتا الحالتين ينشد الصالح العام دون مجاملة.

1 - حينما عاد إلى وطنه بعد إتمام دراسته العليا وحصوله على درجة الدكتوراه كأول مواطن حصل على هذه الدرجة وكان الجهاز الحكومي يستوعب كل الخريجين في ذلك الوقت إلا أنه لم يتضمن نظام الموظفين العام الدرجة التي يعين عليها أمثاله فشكلت لجنة وزارية لتقدير الدرجة التي يعين عليها وعين أمينا عاما لجامعة الملك سعود (جامعة الرياض) وأصبح يمارس عمله تحت إشراف وزير المعارف.

ورغم محدودية خبرته العملية في مجال الإدارة الحكومية إلا أنه مارس عمله مستفيداً من خبرات العاملين معه مركزاً على الجوانب العلمية والأكاديمية التي من شأنها الرفع من مستوى التعليم الجامعي في مستواه وتنوعه وتطوير المناهج واختيار أعضاء هيئة التدريس من ذوي المستوي العلمي العالي مزاولاً للإدارة والتعليم في نفس الوقت.

ورغم جهوده الواضحة في نمو الجامعة من حيث الضبط الإداري والأكاديمي وممارسته الإدارة بشكل رئيسي إلا أنه لم يعين في الدرجة الإدارية فيها إلا في وظيفة وكيل الجامعة وظل فيها حتى عين في مركز آخر في الدولة في حين تم تعيين خلفه على وظيفة مدير الجامعة مباشرة وهكذا الحال لمن توالوا على إدارتها.

2 - لقد تقلب الدكتور عبدالعزيز -رحمه الله- في عدة مناصب وزارية في الدولة كان آخرها وزيراً للدولة بدون وزارة. ولكنه كان يرأس اللجنة العامة في مجلس الوزراء طوال حياته العملية.

3 - من النادر أن يذكر أنه قام بإجازة وكثيرا ما ينوب عن الوزراء خلال غيابهم في إجازات أو مهام رسمية وقد حدث أن كان وزيرا بالنيابة لأربع وزارات في نفس الوقت.. ولذلك فهو في دوام مستمر في أوقات الدوام الرسمية ووقته الخاص.

4 - لقد تقلب في مختلف الوظائف العليا في الدولة منذ عهد الملك سعود -رحمه الله- حتى نهاية حياته في عهد الملك عبدالله -حفظه الله- وكان طوال هذه المدة موضع الثقة التامة من قمة الدولة ومن زملائه في الوزارات المختلفة والعاملين معه في الجهات التي عمل فيها وتعامل معها وكان موضع احترام الجميع من منسوبي الجهاز الحكومي ومن المواطنين لنزاهته وأخلاقه ونظافة يده وحسن تعامله وسمو أخلاقه مع الصغير والكبير.

5 - لا يحبذ الواسطة إلا في حالات محدودة مثل مساعدة صاحب حق أو تحقيق مصلحة عامة فهو واقعي يحكم العقل ولا يحكم العاطفة إلا في حالات محدودة.

6 - يحب العمل بصمت فهو يري أن الأعمال تتحدث عن نفسها ولا يتعامل مع الإعلام إلا في الحالات التي تستدعي ذلك مثل الرد على تساؤل أو إيضاح لحقيقة.

7 - يوصف بالتحفظ الشديد وقبض اليد مما يفوت الكثير على القطاعات التي كان مسؤولا عنها وحينما غادر الدنيا وكتب عنه بعض العاملين معه أو المتعاملين مع الجهات التي كان مسؤولا عنها أثبتوا عكس ما يوصف به وأوردوا الأمثلة المؤيدة لمرونته وفعالياته في المجالات التي تواجد فيها بصفة أساسية أو غير ذلك. ولقد كان لي معه بعض التجارب التي تثبت ما ذكرت إلا أنني لا أستطيع إلا الإشارة إليها احتراما لرغبته التي عبر عنها لي في حياته رحمه الله.

8 - كان رحمه الله مهتما بالتوثيق منذ سن مبكر وكان يسجل مذكراته اليومية متضمنة الأحداث التي عاشها بساعتها ويومها ويحتفظ بالرسائل والخطابات التي يبعثها أو ترد إليه. يلاحظ ذلك كل من اطلع على مذكراته التي صدر منها تسعة وثلاثون جزءا بأسلوبه الرصين ودقته المتناهية في تسجيل تلك اليوميات.

ولم يكن يعتذر لمن يطلب منه كتابة مقدمة لكتاب أو إبداء رأي في بحث أو تعليق على مناسبة وكثيرا ما تضفي تلك الكتابات أو التعليقات أهمية بالغة بين يدي ثلاثة نماذج أشير إليها فيما يلي:

1 - ديوان الأستاذ عبدالمحسن الصالح، كتب مقدمته وهي في الحقيقة دراسة مستفيضة في أكثر من ستين صفحة تضمنت تحليلا فنيا واجتماعيا تلقي الضوء على ما تميز به شعره الاجتماعي السهل الممتنع المعبر عما يدور في مجتمعه من صور وأحداث بأسلوب فكاهي خفيف الظل يتناقله ويستمزجه الكثير من أطياف المجتمع.

2 - كتاب كنت سعيدا.

كتاب مذكرات لسعادة اللواء عبدالله السعدون وقد قرأه الدكتور عبد العزيز -رحمه الله- وأعجب به وكتب تعليقا عليه بكتاب تزيد صفحاته عن صفحات الكتاب المذكور بأسلوب رصين وتعليق دقيق رائع.

3 - ديوان الشاعر عبدالله الحمد القرعاوي -رحمه الله-.

قام الدكتور عبدالعزيز -رحمه الله- بعمل مقدمة تحليلية لكل قصيدة في الديوان المذكور مما أضفي عليه قيمة أدبية رائعة.

إن الحديث عن الدكتور عبدالعزيز الخويطر -رحمه الله- لا يمل ولا ينتهي فهو قامة وطنية وعلمية عملاقة وهو ركن من أركان الوطن الذين يندر التعويض عنهم. -رحمه الله رحمة واسعة-.

وإنني إذ أتقدم لأسرته بأحر العزاء لأرجو من ابنه البار محمد أن يسعى إلى استكمال باقي مذكراته عن بقية السنوات التالية لآخر سنة صدر عنها الجزء السابع والثلاثون راجيا له الإعانة والتوفيق لإتمام ذلك.

كما أهيب بالمسؤولين في جامعة الملك سعود بإطلاق اسمه على إحدى القاعات في كلية الآداب أو في مكتبة الجامعة تقديرا لجهوده في المرحلة التأسيسية لجامعة الملك سعود.

كما أتقدم لسمو الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم بإطلاق اسمه على إحدى المدارس في منطقة الرياض أو محافظة عنيزة التي تلقى التعليم الأولي بها.

كما أتقدم للجمعية الخيرية الصالحية بعنيزة بتكريمه ضمن برنامج تكريم الرواد الذي تنظمه الجمعية من خلال المهرجان الثقافي.

مقالات أخرى للكاتب