31-08-2014

فيروسات.. ما بعد 11/ 9

الأسبوع القادم سيكون مر 13 عاما على أحداث 11 من سبتمبر -2001-، ذكرى مجموعة من الهجمات الإرهابية التي شهدتها الولايات المتحدة في يوم ثلاثاء دام، حيث تم تحويل اتجاه أربع طائرات نقل مدنية وتوجيهها لتصطدم بأهداف محددة نجحت في ذلك ثلاث منها. اشهرها تلك الطائرتان اللتان ضربتا برجي مركز التجارة الدولية بمنهاتن- نيويورك، ثم الطائرة الثالثة التي ضربت بشكل اقل مقر وزارة الدفاع الأمريكية -البنتاجون.

سقط نتيجة لتلك الأحداث 2973 ضحية 24 مفقوداً، إضافة لآلاف الجرحى والمصابين.

الآن وبعد 13 سنة من اطلاق أول حرب عالمية شاملة على «الإرهاب»، لا يبدو ان الإرهاب أصبح أقل، ولايزال أي توقع بنهاية الإرهاب بعيداً عن الدخول في دائرت الاحتمالات، على الأقل في المدى القريب أو المتوسط!

الأغبياء فقط هم من يعتقدون ان الإرهاب والعنف والقتل من قبل التنظيمات المتطرفة أو الجهادية أو سمها ما شئت- سيتوقف او يتقلص بشكل ملحوظ. وكلما نام تنظيم استيقظ تنظيم آخر أكثر عنفا وجرأة على القتل والتحرك.

الشيء الوحيد الايجابي الذي تغير بعد نحو 13 عاما، هو اننا أصبحنا نرى الإرهاب ونعرف مصدره، مصدره الفكري على الأقل، مع عمل حثيث على تتبع منابع تمويله المالي والبشري.

قبل الأحداث الشهيرة تلك، لم يكن أحد يتصور حجم الإرهاب والعنف النابع من ثقافتنا وتراثنا المشوه، كانت الاشارة إلى أي تجمعات تحمل شكل «دينيا» على انها مشبوهة او خطرة، تعد تهمة غير مقبولة رسميا أو شعبيا، الآن أصبحت الصورة على الأقل أكثر وضوحا، وأصبح الشك والتمحيص والرصد لها هو الفاعل الأول في المواجهة.

ومثل ما بقي عدد كبير منا غير مصدقين تماما ان «القاعدة» هي الفاعل، أو انها تملك الجرأة والقدرة على عمل رهيب مثل 11/ 9، تعود ذات الطريقة البسيطة للتسويق للمؤامرة مجددا باعتبار انها الحل الاسهل للرؤية والتحليل وأبعاد التهمة دائما.

و لازل البعض منا وبعد ثلاثة عشر عاما وفي مواجهات أخرى اليوم مع تنظيمات جهادية عدوانية رهيبة في الشام والعراق حيث «داعش» التي أعلنت الخلافة ، والنصرة واخوانها،وبكل هذه الافعال الوحشية المسجلة والموثقة بالصور والفيديوهات العديدة، لازال البعض يعيد اسقاط المؤامرة الصهيونية- الأمريكية مجددا لاغلاق فكرة ، ومنع اي نقد يوجه لتراثنا أو ثقافتنا.

مساء الثلاثاء الماضي، أعلنت الداخلية السعودية، عن إلقائها القبض على خلية من ثمانية أفراد، يقومون بالتحريض على السفر للقتال مع الجماعات المتطرفة في الخارج، وتحديداً مع «داعش» في سورية والعراق!

بعد كل هذه السنوات والأحداث مرورا بـ«القاعدة» إرهابها في مدننا، والمواجهات الأمنية القوية، لازل البعض يعيد من جديد التهمة للطرف الآخر المواجه- أو العدو- انه هو صانع هذه الأحداث والجماعات وممول لها، وبشكل مستمر- عن قصد أو بدونه-، ونتجاهل الحقيقة الواضحة الأهم، وننسى ان الاشكال والعلة تتمثل في ثقافتنا وتراثنا المشوه والمستغل، وانه من يقدم هذه الجماعات ويرعاها في ظل غياب تام للنقد والتطهير والتصفية لمحتوى هذا التراث.

لتجد تلك الفيروسات الإرهابية حاضناتها عبر منح القداسة لنصوص وقصص تاريخية غير موثقة بالضرورة، حاضنات تعيد انتاج هذه الجماعات الخارجة عن الدول والقانون.

وتوفير مصادر خصبة لمن اعتادوا على الذهاب دوما إلى خلق المبرر تلوا المبرر من أجل الدفاع عن هذه الجماعات وافعالها الإرهابية القادمة واللاحقة.

ما تقدمه الاحداث الكبيرة والتاريخية لنا الآن هي فرصة لكشف حساب التاريخ واعادة القراءة للتراث والتاريخ الاسلامي وقصصه في المناهج والمراجع وايحاءاته، نحو منع كامل على المدى الطويل لهذه الجماعات من الظهور، فالفيروسات عادة اذا لم يقض على حاضناتها والبيئة التي تسمح باعادة انتاجها بشكل كلي وعميق ، تعود بشراسة وعنف أكبر..!

@AlsaramiNasser

مقالات أخرى للكاتب