تقع العين وأنت تنظر إلى شاشة التلفزيون أثناء الأخبار أو عرض لبعض البرامج أو اللقطات على شوارع بعض الدول المتقدمة ويتبادر إلى ناظريك كثرة الدراجات النارية أو الهوائية التي يقضي عليها أهل هاك الديار مآربهم.
وفي الجانب الآخر تطالع أرتال السيارات وهي تسير بانسياب تام وحركة مرورية هادئة وسرعة معقولة في رتم مهذب، ولوحة رومانسية تدل على الذوق السليم والوعي التام.
ثم يرجع البصر ويغمرك شيء من الدهشة إذا قارنت الوضع الذي عليه هؤلاء والوضع الذي عليه بعض شوارعنا التي وضعت على طراز عالمي هائل وصممت على شكل بديع وبذل فيها من الجهد والوقت والمال ما الله به عليم، هنا نجد الفرق واضحاً في أمرين أولهما مستعملو الطرق والشوارع والممرات عندنا الذين ينقصهم الوعي والصبر والحكمة إلا من رحم الله.
أما عندهم فحدث ولا حرج من احترام الآخرين والأناقة والحكمة واحترام النظام والمحافظة على المركبة والشعور بحاجات الآخرين وظروفهم.
وثانيهما - وهو بيت القصيد - تزايد أعداد السيارات عندنا بجميع أشكالها وألوانها وموديلاتها وأحجامها لحاجة أو (لغير حاجة) الأمر الذي سبب فوضى عارمة وإزعاجاً منقطع النظير وتكدساً هائلاً وزحاماً شديداً وأزمة مرورية لا تفرق بين وقت وآخر.
حتى لا تجد مستعملاً للدراجات سوى بعض العمالة الوافدة وصغار السن الذين يستغنون عنها أو يرفضونها بعد الثالثة عشرة طمعاً في امتلاك السيارة.
في هذا السياق يدور في الأذهان أسئلة محيرة وتساؤلات مخيفة عن مستقبل مدينة كبيرة مثل الرياض بعد خمس أو سبع سنين ماذا سيكون وضع شوارعنا وأحيائنا ومواقف السيارات لدينا، وكيف ستكون الحركة المرورية أثناء اندفاع الموظفين والطلاب والعمال وغيرهم إلى أعمالهم؟ كيف ستصل عربات النقل الطارئ إلى أماكن الحاجة ثم إلى المستشفيات؟
لا بد من وضع خطوط عريضة واستشراق جاد للوضع العام في استيراد السيارات وبيعها وكيفية استعمالها ووضع قيود صارمة لمستخدمي الطرق والممرات والشوارع ودراسة الوضع المستقبلي المروري وعمل مقارنة لأعداد السيارات وأماكن سيرها، والاستفادة من تجارب الدول الكبرى في معالجة الأوضاع المرورية المتأزمة.
وخذ مثلاً دولة عظمى مثل الصين وضعت يوماً أسبوعياً بدون سيارات، واليابان حددت بعض أيام الأسبوع للسيارات حسب الأرقام، وجعلت كندا مسارب خاصة للسيارات التي تحمل العدد الأكبر بحيث تكون لها الأفضلية في استعمال المسار الأسرع.