نشرت جريدة الجزيرة الأسبوع الماضي قصة طريفة عن جنرال موترز وأحببت أن أنقل لقراء المجلة بعض تفاصيلها لأن فيها عبرة مهمة.

وجه أمريكي رسالة لرئيس شركة بونتياك قال فيها إنه اشترى سيارة بونتياك جديدة ومنذ ذلك الحين أصبحت رحلاتي اليومية إلى السوبر ماركت لشراء الآيسكريم تمثل مشكلة. فقد لاحظت أنني عندما أشتري آيسكريم فانيليا وأعود للسيارة لا يعمل المحرك معي ولا تدور السيارة.. أما إذا اشتريت أي نوع آيسكريم آخر تدور السيارة بصورة عادية جداً وصدقوني أنا جاد فيما أقول.

وعندما قرأ رئيس شركة بونتياك هذه الرسالة أرسل أحد مهندسي الصيانة لمنزل صاحب السيارة.. فأراد صاحب السيارة أن يثبت للمهندس صدق روايته.. فأخذه لشراء الآيسكريم واشترى آيسكريم فانيليا وعندما عادا للسيارة لم يدر محركها فتعجب مهندس الصيانة وقرر تكرار هذه التجربة 3 ليالٍ وفي كل ليلة كان يختار نوع آيسكريم مختلف وبالفعل كانت السيارة تدور بصورة عادية بعد شراء أي نوع من الآيسكريم إلا نوع الفانيليا.

تعجب مهندس الصيانة من ذلك ورفض تصديق ما يراه لأنه منافٍ للمنطق.. وبدأ في تكرار الرحلة للسوبر ماركت يومياً مع تسجيل ملحوظات دقيقة للمسافة التي يقطعها يومياً والزمن الذي يقطعه والشوارع التي يمر منها وكمية الوقود بالسيارة والسرعة التي تسير بها وكل معلومة تتعلق بالرحلة إلى السوبر ماركت.

وبعد تحليل البيانات توصل المهندس إلى حل المشكلة وهي أن السيارة لا تدور مرة أخرى بعد وقف محركها لفترة قصيرة.

أي أن الموضوع متعلق بالمدة التي يستريح فيها المحرك وليس بنوع الآيسكريم وتوصل المهندس للمشكلة وحلها وهي أن محرك السيارة يحتاج لوقت ليبرد لكي يستطيع أن يؤدي عمله مرة أخرى عند إعادة تشغيل السيارة وهو ما لا يحدث عند شراء آيسكريم الفانيليا التي توجد في مقدمة المحل نظراً لقصر الوقت مقابل الوقت الإضافي الذي يستغرقه صاحب السيارة للحصول على نكهات أخرى توجد في أماكن بعيدة ضمن المحل.

إن هذه القصة فيها عبرة مهمة لنا جميعاً ولاسيما للفنيين الذي قد يستهينون بالمشكلة ويربطونها بأسباب واهية وغير منطقية وقد يلجؤون للسخرية من الشخص الشاكي نظراً لطبيعة المشكلة الغريبة. إن التحليل العلمي ودراسة الظواهر بشكل دقيق يسهم في إيجاد حلول ناجعة لأي مشكلة. فهل نحاول أن نتعظ ونتعلم من الآخرين الصبر والتفكير العلمي السليم أم سنبقى نعمل بالطريقة التقليدية للإصلاح الفني باستبدال القطعة والتجريب حتى تنحل المشكلة.