جدة - حمود البقمي

يعد المعهد العالي السعودي الياباني للسيارات ثمرة من ثمار الزيارة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لليابان عام 1998م من أجل نقل التقنية اليابانية الى المملكة في واحدة من أهم مجالات سوق العمل وهي تقنية وصيانة السيارات وتدريب الكوادر الوطنية السعودية في هذا المجال. في اللقاء التالي مع المدير التنفيذي للمعهد سالم بن حسن الأسمري استعراض لمسيرة المعهد وأهم إنجازاته ومستقبل خريجيه.

> بعد مرور نحو 6 سنوات على افتتاح المعهد، كيف تقيمون الفترة الماضية وهل حقق المعهد الأهداف التي يسعى إليها ؟

- تقييمنا للفترة الماضية إيجابي بشكل كبير فكما تعلمون أن المعهد العالي السعودي الياباني للسيارات حظي بدراسة وافية قبل إنشائه من قبل لجان مشتركة من مصنعي السيارات في اليابان ومن موزعي السيارات اليابانية في المملكة، وبالتالي فإن عملية التنفيذ هي جزء من المرحلة السابقة التي سبقت بدء الدراسة فيه واستقبال الشركات لخريجيه. وبالتالي فإن الأهداف التي أنشئ المعهد من أجلها قد تحققت.

> كم تقدرون حجم الفرص الوظيفية المتاحة للشباب السعودي في صيانة السيارات بالمملكة؟ومتى تتوقعون بأن يتم الاكتفاء الذاتي لهذه الوظائف؟

- تأهيل فني سيارات يحتاج إلى جهود غير عادية لكون هذا النوع من التدريب يحتاج إلى ممارسة فعلية تحت إشراف مختصين لديهم القدرة والمهارة لجعل المتدرب يتقن العمل، ويحتاج المتدرب بعد تخرجه أيضاً إلى خبرة تراكمية تمكنه من الإتقان وفق معايير زمنية وفنية معينة.

وحجم الفرص الوظيفية المتاحة للشباب السعودي في مجال صيانة وتقنية السيارات كبيرة جداً فسوق السيارات يتنامى بشكل سريع وأصبح الحصول على فني صيانة السيارات من دول شرق آسيا والهند صعباً لوجود طلب متزايد عليهم، فسوق السيارات في المملكة يحتاج إلى فنيين في مجال صيانة سيارات بشكل متزايد يضاف إلى ندرة الحصول على الفنيين من خارج المملكة إذا فالمعهد وجهات التدريب الأخرى لا تلبي الاحتياجات الحالية لسوق السيارات وتتطلب المزيد من الخريجين للعشرين أو الثلاثين سنة القادمة.

إنجازات

> ما أبرز الإنجازات التي حققها المعهد منذ إنشائه؟

- تخرج من المعهد العالي السعودي الياباني للسيارات 736 شاباً سعودياً جميعهم تعينوا في شركات موزعي السيارات اليابانية الأعضاء في المعهد وهي : (شركة عبداللطيف جميل المحدودة، شركة الحمراني المتحدة، شركة مؤسسة العيسائي للتجارة، شركة عبدالله هاشم المحدودة، شركة سوزوكي السعودية المحدودة، الحاج حسين علي رضا وشركاه، شركة بالبيد المحدودة، شركة باخشب إخوان المحدودة، شركة عبداللطيف العيسى للسيارات) ثم لا تنسى أن المعهد يعتبر فريدا من نوعه ليس فقط في المملكة ولكن على مستوى العالم حيث إن جميع مصنعي السيارات في اليابان وموزعي السيارات اليابانية في المملكة مشتركون في مشروع واحد رغم طبيعة التنافس بين الأعضاء، والمشاريع المشتركة مثل المعهد العالي السعودي الياباني للسيارات عادة تكون بين مصنع في بلد ما مع موزع في بلد آخر لإنشاء مركز تدريب، أما مجموعة مصنعين في بلد مثل اليابان ومجموعة موزعين في بلد مثل المملكة يشتركون في مشروع واحد فهذا جديد وعلى حد علمي لا يوجد مشروع مماثل له حتى الآن.

> يسعى المعهد إلى تحفيز الشباب إلى الانضمام إليه، ما هي أبرز هذه المحفزات؟وكيف ترون الإقبال على المعهد من قبل الشباب السعودي؟

- هناك محفزات ومميزات للطالب قبل وبعد التخرج، فبمجرد قبول الطالب بالمعهد يمنح مكافأة شهرية مقدارها (1365) ريال نهاية كل شهر ميلادي، وله سكن داخلي بغرفة مستقلة مؤثثة برسوم رمزية، ويمارس مختلف أنواع الأنشطة الرياضية بالصالات والملاعب المتنوعة منها كرة القدم وكرة الطائرة وكرة السلة وكرة اليد، السباحة، كما يوجد مركز متطور للإنترنت، عيادة طبية، مطعم فاخر، مغسلة للملابس ذاتية الخدمة، وله تأمين طبي للعلاج في أفضل المستشفيات الخاصة، وتخفيض (50 %) على جميع رحلات الخطوط السعودية الداخلية، ويسجل في نظام التأمينات الاجتماعية من تاريخ القبول بالمعهد، وقبل هذا كله فله وظيفة مضمونة عند التخرج ويتم تعيينه في المدينة التي يقيم هو وأسرته فيها إذا كان هناك فروع للشركات و يمنح دبلوما عاليا في تقنية السيارات اليابانية بإشراف خبراء يابانيين تعادل دبلوم الكلية التقنية بالمملكة وتعادل المستوى الثالث لتقنيي صيانة السيارات في اليابان. ويمنح راتبا مجزيا بعد التخرج بالإضافة إلى بدل السكن وبدل المواصلات. الراتب عند التخرج موحد لجميع الخريجين بمختلف شركات موزعي السيارات اليابانية بالمملكة أما بعد ذلك فيخضع لنظام القوى العاملة في كل شركة.

إقبال ممتاز

- والإقبال على المعهد من قبل الشباب السعودي أكثر من ممتاز بشكل عام، وهو في حجم تطلعات القائمين على هذا المعهد ولكن تبقى المنطقتان الوسطى والشرقية أقل من حيث عدد المتقدمين عن غيرهما من المناطق، والقبول بالمعهد سنوي لمرة واحدة فقط خلال العام الدراسي تتزامن مع فتح باب القبول بمختلف المؤسسات التعليمية من جامعات ومعاهد عليا، فمن خلال أكثر من (96) مركزاً للقبول بمختلف محافظات ومدن المملكة يتقدم للقبول سنوياً ما بين (2000 - 3000) طالب يطبق عليهم جميعاً معايير قبول موحدة في خمسة مراكز مختلفة فهناك مركز اختبار بمدينة (أبها) بالمنطقة الجنوبية ومركز آخر بمدينة (الرياض) لمجموعة المتقدمين من المنطقة الوسطى ومركز ثالث بمدينة (الدمام) للمتقدمين من المنطقة الشرقية ومركز اختبار رابع بمدينة (تبوك) للمتقدمين من المنطقة الشمالية والمركز الخامس بمدينة (جدة) في مقر المعهد وهو مخصص للمتقدمين من المنطقة الغربية ويحق للمتقدم التسجيل في أي مركز شاء والاختبار في أي مركز شاء شريطة الالتزام بالموعد المحدد المعلن لإجراء اختبارات القبول كل ذلك من أجل التسهيل على الشباب السعودي للالتحاق بهذا القطاع حيث يخضع المتقدمون لمجموعة من اختبارات القبول من إعداد وحدة القياس والتقويم بالمعهد، ويتقدم سنوياً مجموعة كبيرة ضمن المتقدمين له ممن حققوا درجات عليا في اختبارات الثانوية العامة مفضلين الالتحاق بالمعهد عن الجامعات لأنه يوفر التدريب المحترف والوظيفة في آن واحد.

برامج متجددة

> ما هي الخطط المستقبلية للمعهد؟وهل هناك نية لفتح فروع أخرى في المنطقة الشرقية والوسطى؟

- هناك تطور مستمر لمناهج المعهد عن طريق الخبراء اليابانيين وفق مستجدات تقنيات السيارات في اليابان، وننوى تصميم برامج جديدة تنفذ إلى جانب البرنامج الحالي ثم إن المعهد الحالي يخدم موزعي السيارات اليابانية في جميع مدن المملكة وفتح فروع أخرى لن يضيف جديداً.

> تقوم عدد من الشركات المساهمة بالمعهد بتوفير فرص تدريبية للمتميزين خارج المملكة، كم عدد الطلاب الذين تم ابتعاثهم؟وكيف ترون هذه التجربة؟

- ينضم سنوياً للكادر التدريبي والتعليمي ثلاثة مدربين سعوديين يتم اختيارهم من خريجي المعهد بموجب معايير انتقاء واختيار صارمة ويتم تدريبهم في اليابان يعودون بعدها للعمل كمدربين مبتدئين، فكل مدرب وافد يلازمه مدرب سعودي مبتدئ تحت إشراف خبير ياباني. وتعد إدارة المعهـد بإشراف المدير التعليمي بالمعهد سنوياً مجموعة من البرامج التدريبية التقنية والتربوية للمدربين داخل وخارج المملكة بهدف رفع كفاءة المدربين في مجال تقنية صيانة السيارات اليابانية، كما يخضع المدربين السعوديين لاختبارات متعددة في نهاية كل عام للتأكد من تطـور معلوماتهم ومهارتهم ، وقد بلغ عدد المدربين الذين تم ابتعاثهم لليابان من خريجي الثلاث دفعات الأولى ثمانية مدربين.

> ما هو حجم التجهيزات الموجودة في المعهد العالي السعودي الياباني للسيارات؟

- عدد قاعات الدراسة (20) قاعة سعة كل منها (25) طالباً، وعدد قاعات التدريب العملي (12) قاعة سعة كل منها (50) طالباً، ورشتان كبيرتان مجهزتان بمعدات تدريب متطورة وأكثر من (80) سيارة يابانية للتدريب العملي ومعدات وقطع غيار وأجهزة للتدريب ومعامل لغة إنجليزية ومعامل كمبيوتر وعلوم تطبيقية ومكتبة متخصصة ومركز متطور للإنترنت ومبنى لسكن الطلاب يستوعب (300) طالب مخصص للطلاب من خارج مدينة جدة وتم فيه تخصيص غرفة لكل طالب ومغسلة للملابس ذاتية الخدمة ومطعم يتسع لـ (422) شخصاً في وقت واحد ومسجد يستوعب

(450) مصل والعديد من الصالات والملاعب المتنوعة لكرة القدم وكرة الطائرة وكرة السلة وكرة اليد والبلياردوا وتنس الطاولة ومسبح قانوني وعيادة طبية ومضمار لقيادة السيارات ومحطة وقود خاصة باستخدام المعهد ومواقف سيارات للعاملين والطلاب والضيوف، كل هذه التجهيزات وسواها جهزت لتدريب (500) طالب سنوياً بالمستويين الأول والثاني بالمعهد حيث يتم قبول (200 -255) طالب سنوياً ويتخرج منه سنوياً (180 - 200) طالب.

متابعة حثيثة

> ما هو مصير الخريجين من المعهد؟وهل تقومون بمتابعتهم؟

- عندما يلتحق الطالب بالمعهد يكون قد وقع قبل ذلك عقد عمل مع إحدى شركات موزعي السيارات اليابانية في المملكة المشاركين في المعهد، لذلك فالطالب يعتبر موظفاً في الشركة قبل بدء الدراسة في المعهد ويعتبر مبتعثاً من الشركة الممولة لتدريبه وبعد تخرج الطلاب هناك فرق مبرمجة من المعهد تزورهم ميدانياً بشكل مستمر في ورش موزعي السيارات اليابانية في المملكة للتأكد من أنهم يعملون وفق ما تدربوا عليه ومعالجة أي عوائق أو مشكلات في بيئة العمل.

> ما مدى رضا مؤسسات القطاع الخاص عن خريجي المعهد ومستواهم الفني؟

- خريجو المعهد العالي السعودي الياباني للسيارات لا يعملون إلا في مراكز صيانة موزعي السيارات اليابانية في المملكة وهناك رضا عام لدى موزعي السيارات اليابانية في المملكة عن خريجي المعهد ونحن على اتصال دائم مع المسؤولين وخريجي المعهد بجميع الشركات الأعضاء في المعهد بمختلف مناطق المملكة ونقوم بإجراء دراسات تتبعيه تقويمية للخريجين عن طريق وحدة القياس والتقويم بالمعهد ونرسل فرقاً متعددة تقوم بإجراء مقابلات شخصية مع الخريجين والمشرفين على تدريبهم في مراكز الصيانة للاطمئنان على جودة مخرجات المعهد من هذه الثروة البشرية من الشباب السعودي، كما تقوم وكالة التعاون الدولي اليابانية (JICA) سنويا بإرسال فريق تقويم من اليابان سنوياً يقوم بزيارة الخريجين في مواقع عملهم من أجل تقييمهم وكل التقارير المقدمة من تلك الفرق عن الخريجين توضح أن مسار التدريب جيد ويخضع لتطوير مستمر.

مصاعب

> ما أبرز المصاعب التي تواجهونها؟

- نواجه صعوبة في الحصول على عدد كاف من الطلاب من المنطقة الوسطى، حيث يتم في مرحلة القبول إجراء اختبارات القبول والمقابلات الشخصية ويبلغون بالمجيء إلى جدة فنجد العدد الذي يحضر إلى المعهد أقل من بقية المناطق الأخرى فنضطر إلى قبول طلاب من مناطق أخرى في مراكز صيانة موزعي السيارات اليابانية في المملكة في مدن المنطقة الوسطى كالرياض وبريدة وعنيزة، ربما يعود ذلك إلى وجود فرص متعددة في المنطقة الوسطى (جامعات حكومية وخاصة وكليات عسكرية ومعاهد وكليات أخرى) تجعل الخريجين سنوياً ينخرطون فيها لكونها في نفس المنطقة التي يعيشون فيها.

> كيف ترون دور القطاع الخاص في تدريب الشباب السعودي على مثل هذه التخصصات وكيف ترون الشراكة بين القطاع الخاص والحكومي؟

- المعهد العالي السعودي الياباني للسيارات يعتبر أول معهد غير ربحي في المملكة، وبالتالي فإن التجربة ناجحة جداً لكون عملية التدريب ونقل المهارات للشباب السعودي تأتي بتعاون بين المصَنَّع والموزع وفق أحدث التقنيات في مجال نقل التقنية.

وشجعت هذه التجربة قطاعات أخرى كالمجال الصحي أو الإلكترونيات والأجهزة المنزلية وصناعة البلاستيك إلى تبني تجربة المعهد العالي السعودي الياباني للسيارات. ثم إن المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني نهجت نهجاً جديداً الآن وذلك بتوقيعها اتفاقيات تعاون مع القطاع الخاص بحيث تقدم المعاهد والقطاع الخاص يشغلها ويديرها وتعمل المؤسسة بجهد وطموح عاليين لتحقيق ذلك ولكن الإجراءات المالية والمناقصات تحد من سرعة المؤسسة في هذا الاتجاه.