يحتاج بعض المصابين من جراء الحوادث المروعة والمفزعة أحياناً لشربة ماء فلا يجد ليس لأنه لا يوجد أحد بل لأن الواقفين على رأسه يفوقون المئات وأغلبهم عديم الذوق والأحساس. صورة نراها تتكرر كلما وقع حادث مروري حتى وإن وقع في البر وجد من الفضوليين من يتابع سير الحوادث بحثاً عن الجديد ورغبة في الحصول على سبق الخبر.. وأحياناً يلتقط صوراً للمتألمين والممزقين بكل برود.. ولقد شاهدت مرة ما هو أفظع وأشنع من ذلك. حادث مروري مروع. الأشلاء ممددة على الأرض. ما بين رجال ونساء وأطفال. يتقدم أحد عديم الأخلاق إلى إحدى النساء يريد أن يلتقط لها صورة.. بالله عليكم كيف نصف هذا الإنسان.. وما هو اللقب اللائق به وأمثاله. إننا في بلد نسبة الحوادث فيه مرتفعة جداً.. ولا يكاد يخلو شارعاً من تلاحم سيارات مع بعضها أو في الأرصفة أو الأشجار أو حتى بالبشر.. إلخ. مما يتطلب منا إعطاء مثل هذه المواقف حقها، فإن كنت لا أملك أي آلية لتقديم المساعدة مثل دورة في الإسعافات الأولية. أو خبرة سابقة في التدخل السريع.. أو أن الأمر يستدعي تدخلاً عاجلاً كأن تكون السيارة محترقة وإمكانية وصول المساعدة قد تتأخر في مثل هذه الأحوال يمكن الوقوف على الحادث. وما عداه فهو من باب الفضول وربما الإسهام في إزهاق النفس وذلك بتعطيل وصول هل الإختصاص. كذلك من الصور التي تحصل أحياناً. ولو أني على يقين أن فاعلها ما أراد إلا الخير.. قيام بعض الشباب بتلقين الشهادة لبعض المصابين والذين قد يكون مغمى عليهم.. وهؤلاء الشباب لا يعرفون علامات الاحتضار من علامات الإغماء.. وربما حرك المصاب حركة تسبب في إعاقته أو مضاعفة إصابته.
إن التصرف السليم المبني على علم ودراية وإحساس بالإخوة الإيمانية خاصة والإنسانية عامة. تدعونا لتقديم العون والغوث لكل محتاج ولكن في حدود ما يحتاجه المصاب وفي إطار خبرتنا ودرايتنا ولا نزيد على هذا فتتحول مساعدتنا إلى مأساة لغيرنا.. ولنعلم أن الله يحب إذا عمل أحدنا عملاً أن يتقنه، والإتقان ليس مجازفة أو فضولاً أو حب استعراض، وإنما شعور بالمسؤولية المؤصلة بالعلم والخبرة والدراية ورحم الله أمرءاً عرف قدر نفسه.
