Culture Magazine Monday  17/09/2007 G Issue 216
فضاءات
الأثنين 5 ,رمضان 1428   العدد  216
 

ملتقى الباحة والاعتذاريون..
د. سلطان سعد القحطاني

 

 

ما كنت أتوقعه حصل بالفعل، ماذا كنت أتوقع؟ توقعت - ومعي الكثير من الزملاء المشاركين - انقسام المثقفين إلى فريقين، مؤيد لإقامة ملتقى الباحة الثقافي، ورافض لهذا الفعل الثقافي، ولنأخذ رأي الرافضين لهذا الفعل الثقافي أولاً، وحجتهم أن الباحة منطقة نائية عن حضور المثقفين الفاعلين في مثل هذه الملتقيات، وبدون الحضور الفاعل لا قيمة لإقامة ندوة أو محاضرة أو مؤتمر، وبالتالي لا داعي لإقامة مثل هذه الملتقيات!!، أما المؤيدون فقد تابعوا فعاليات هذا الملتقى من خلال الراعي الإعلامي (جريدة الجزيرة) والصحف الأخرى التي غطت الفعالية بالكامل، منذ حفل الافتتاح الذي رعاه وكيل إمارة الباحة نيابة عن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعود بن عبد العزيز أمير منطقة الباحة، حتى آخر الأوراق في صبيحة يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من شهر شعبان الحالي؛ ومع احترامنا لكل من أبدى رأيه نقول: إن كانت منطقة الباحة - على ما تقولون - نائية، فلا يعني ذلك أنها خاملة، فالجد والعمل الصادق والنوايا المخلصة لا تنظر إلى البعد والقرب، والمسافات في زمننا هذا كادت تنعدم، والتفكير في مثل هذه الأمور تفكير عاجز عن القيام بواجباته الوطنية الثقافية، الذي يحكم على الأمور عن بعد، أو يصدق ما تكتبه بعض الصحف غير المنصفة إنسان ظالم لنفسه، الذي ينظر إلى الإقليمية ويحسب نفسه على الثقافة يركب الطريق شططاً ويحمل نفسه فوق ما تطيق، فالوطن يطلب منا أكثر من ذلك، يطلب منا أن نكون لحمة واحدة نشارك في ملتقياته الثقافية والعلمية، تحت شعار واحد، (الوطن ولا غير الوطن)؛ نطرح قضايانا بعيداً عن التمذهب والتأقلم، فالدين واحد والوطن واحد، ولا عبرة بغير هذه الجملة؛ فنادي الباحة الأدبي - على بعد مسافته عن مراكز الثقافة - كما يزعم البعض، استطاع أن يقيم ملتقى ناجحا بكل المقاييس، العلمية والفنية والإدارية، فالتنظيم كان على أعلى مستوى، من حيث تقسيم المهام على الأعضاء والمتعاونين معهم، تحدوهم في ذلك روح وطنية عالية، لم تفرق بين أحد من المدعوين، ولم يقصر أحد منهم في أداء واجبه، ابتداء من صالة القدوم في مطار الباحة وانتهاء بصالة المغادرة، إضافة إلى البرامج الترفيهية خلال ليالي الملتقى التي قسمت بين المواطنين، حيث كانت الأولى في منزل الدكتور سعيد عطية أبو عالي، تخللتها المناقشات والتعريف بالمنطقة وأهلها، والثانية حفل سمر عربي أصيل أقامته جمعية الثقافة والفنون بالباحة بقيادة رئيس فرع الجمعية، عبد الناصر الكرت (بفتح الراء) تعرف المنتدون على فنون الجنوب، بصفة عامة، وعلى فنون الباحة، بصفة خاصة، وفي اليوم الثاني أقام رئيس النادي السابق الأستاذ سعد بن عبد الله المليص حفل غداء في الفندق الذي تقام فيه الفعاليات، كان المنظمون يغادرون الفندق في ساعات متأخرة من الليل ويحضرون قبل بدء الفعاليات بساعات يحضرون فيها لليوم بكامله؛ هذا من جانب التنظيم الإداري.

أما التنظيم العلمي للجلسات والأوراق فكان رائعاً، على الرغم من تخلف بعض المدعوين لأسباب لا أعرفها، لكن تداركها المنظمون وسددوا ما أخل منها بالبرنامج المعد سلفاً، وكانت أوراقاً علمية استفاد منها الكثير، من حيث طرحها وحيوية المناقشات التي أثارتها، وهذا دليل نجاح في حد ذاته، كما سررت كثيراً بمشاركة الشباب في هذا الملتقى بكثرة، وسررت أكثر بأطروحاتهم العلمية وجدهم واجتهادهم (من الجنسين) والعلم لا يفرق بين ذكر وأنثى؛ ودارت المناقشات الأدبية في جو من الود والإخاء، سواء ما دار منها في قاعة المحاضرات أو ما كان على هامش الأوراق بين الصحافيين والمنتدين الحضور الذين كثرت تساؤلاتهم عن بعض النقاط الأدبية الواردة في بعض الأوراق، وعن بعض المصطلحات النقدية، واهتم الجميع بالحراك الثقافي، وحرص المنظمون على بقاء المدعوين حتى نهاية الملتقى للاستفادة من وجود الإخوة الذين قدموا أوراقهم لإتاحة الفرصة لمن لم يستطع المداخلة لضيق الوقت من مناقشتهم على هامش الورقة، وفي رأيي أن الكثير من الفائدة تتم على هامش المؤتمرات واللقاءات، وقد كانت تجربتنا في الجنادرية كل عام ثرية من خلال السمر الذي يدور في قاعات الفندق بحرية تامة أكبر من الوقت المحدود في قاعات المحاضرات الرسمية؛ وإن كانت الباحة نائية أو قريبة، نرجو أن تحذو أنديتنا الأدبية البالغة هذا العام خمسة عشر نادياً، حذو هذا النادي ونادي جدة الأدبي الثقافي، في حوليته كل عام التي التزم بها لزوم الأسورة بالمعصم، في ملتقاه السنوي، ومجلته التي نشرت الأدب والنقد السعودي خارج الحدود، وعرف بها الناقد السعودي قبل غيرها؛ إننا بحاجة إلى مثل هذه اللقاءات الفكرية، وسواء اتفقنا أو اختلفنا فالهدف واحد، وعندنا من الطاقات الأدبية العلمية الكثير، معروفة خارج الحدود، ولنوسع ملتقياتنا لتشمل العالم العربي، ليستفيدوا منا ونستفيد منهم، وأرجو من الأخوة الآخرين أن يقدروا كل عمل يقوم به الآخر، ومن انزوى خلف الحجب، لا يرغب في المشاركة، فلا سبيل عليه، ولن يسمع منه أحد منصف، كما أذكر أن نادي الرياض الأدبي سيقيم مؤتمراً هذا العام، فهل سيحضر هؤلاء وهو ليس ناء كالباحة التي اعتذروا ببعدها؟!، وهل سنرى حضوراً ومناقشات مثلما رأينا في الباحة؟؟ الأيام قادمة؛ بارك الله في جهود القائمين على ملتقياتنا بتشجيع من وزارة الثقافة والإعلام الذي غطى ملتقى الباحة بكل وسائله المقروءة والمسموعة والمرئية، وصدق الله العظيم القائل في محكم كتابه:{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} سورة التوبة (105).

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة«5703» ثم أرسلها إلى الكود 82244

الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة