كان يَبْدُو لي إذا ناديتُ مِنْ فوق المَطَلِّ
بَاسِمَ الثَّغْرِ بشوشاً مُشرِقَ الوجهِ يُهَلِّي
كان بل كُنَّا معاً جسماً وروحاً
وأخيراً دارت الأيَّامُ والعمر يُولِّي
قلت: آهٍ مِنْ أخٍ لي كان خِليِّ
ورفيقي يوم ترحالي وحِليِّ
كان لي في نائبات الدَّهرِ عَوْناً
مالذي أغراه عنِّي بالتَّخليِّ
خاب ظنِّي بعد ذيَّاك القرب مِنِّي
وكأني لا أصوم ولا أصلي
أتراه لا يُريد اليوم شيئاً
غير إذلالي ولن أرضى بذلي
قُلْ له يا أيُّها القلب المُعنَّى
مَنْ له غيري إذا نادى ومَنْ لي
ولقد بادرت بالهجر وإني
لَستُ أدري ما هي الأسباب قُلْ لي
لست أدري غير أنَّ الوِدَّ ولىَّ
قلت مِنْ بعد الجَفَا دَعْهُ يُولِّي
سوف أنسى ما مضى من ذكرياتٍ
حلوةٍ كانت ملاذاً للتَّسلِّي
وسأنسى من تناسُوا كُلَّ ودِّي
بعدما أعطيتهم بعضي وكُليِّ
كان يبدو صامداً وقت التَّحدِّي
حين أبْدُوا باسماً عند التَّجليِّ
وأخيراً قلت من قلبي وداعاً
للذي باع ودادي بالأقَلِّ
أفضل الأحوال أن تبقى مقيماً
حيثما تهوى وأبقى في مَحَليِّ
أتحلىَّ بجميل الصبر عمَّا
فات من عمري وأكْرِمْ بالتَّحَلِّي
أعذريني يا ليالينا وقولي
أين أنْتِ مِنْ شذا وردي وفُليِّ
وتعالي يابقايا أُمنِيَاتي
نطْوِي الماضي معاً طيَّ السِّجِلِّ
وتعالي نقضي العمر سويّاً
واعلمي أنِّي فتىً ودَّعت خِلِّي
ذلك (الضِّرْسَ) الذي عزَّ عليَّ
خلْعُهُ في حالة الوضيع المُخِلِّّّّّّّّّّّّّّّّّّ
وَجَعُ الضِّرسِ وهمُّ العِرْسِ يبدو
عنده مثل الهلال المُضْمَحِلِّ
واعْلَمِي أنِّي على طُوْلِ الليالي
لا أُجَارِي كُلَّ ذَي حقدٍ وغِلِّ
واصْبري صبراً على البلْوَى جميلاً
فدوامُ الخُلْدِ لله الْأَجَلِّ