Culture Magazine Monday  24/09/2007 G Issue 217
فضاءات
الأثنين 12 ,رمضان 1428   العدد  217
 

صدى الإبداع
الرواية وتحولات المجتمع في المملكة (1)
د. سلطان سعد القحطاني

 

 

تتناول هذه الدراسة الأطوار التي مرت بها الرواية في المملكة العربية السعودية، أربع مراحل قسمت حسب التحول والرؤية الاجتماعية، والبناء الروائي،فالرواية إنتاج الروائي، والروائي ابن بيئته، حيثما تتحول يتحول معها، ويعالج قضاياها، في أسلوب روائي يختلف عن بقية السرد، من تاريخ وأخبار ووثائق....، وتبعاً للتحولات: الاجتماعية والعلمية والاقتصادية، يتحول فكر الروائي إلى معالجات راهنة للمواقف التي يشهدها المجتمع ليكون شاهد حال على مجريات الأحداث، مع مراعاة التفريق بين الرواية والقصة القصيرة ذات النظرة الآنية، فالرواية تحتاج إلى وقت قد يطول في ملاحظة التغيرات الاجتماعية والعلمية والثقافية، فما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون مادة رواية قبل عام أو عامين أو أكثر من ذلك، فالمادة الروائية تحتاج إلى طبخة هادئة.

وكأي مجتمع جديد، بدأت الرواية بحاجات ذلك المجتمع في حين من الدهر، وبما أن المجتمع بحاجة إلى الإصلاح، العلمي والفكري، ظهرت الرواية الإصلاحية التعليمية، كأول نتاج تشهده المملكة، لتلحق بالبلاد المتطورة المتعلمة، وكان هذا هو الطور الأول، أو الجيل الأول من الرواية، التي ظهرت بظهور رواية(التوأمان) لعبد القدوس الأنصاري، في عام1930. تلتها ثلاث روايات، هي:(الانتقام الطبيعي) لمحمد جوهرجي1935، ورواية(فكرة) 1947. لأحمد السباعي، ثم رواية (البعث)1948، لمحمد علي مغربي.

ولم يوجد بعد هذه الرواية، عمل روائي، على مدى أحد عشر عاماً، وظهر النقد الأدبي بوضوح في هذه الفترة، مهاجما ومقيماً الأعمال الأربعة المذكورة، وخاصة(التوأمان، وفكرة)،والتي تولى كل واحدة منهما ناقد أو أكثر، فالتوأمان تولاها محمد حسن عواد في نقد شديد، وفكرة تولاها أحمد عبد الغفور عطار، في هجوم شديد تعدى كل من الناقدين حدود النص إلى كاتبه،وفيه وأصدر أحمد عبد الغفور عطار صحيفته الوحيدة(البيان)1951م، مشنعاً فيه بأحمد السباعي، عندما منع من النشر في الصحف السعودية، وخاصة صوت الحجاز، ولكن هذه الفترة، أو الطور الذي اخترته عنواناً لهذا البحث، كان من الأهمية بمكان في الأدب السعودي، فلولاها لما ظهر النقد وأصبح له قاعدة يتكئ عليها عند الدارسين، ولما ظهرت مدارسه النقدية في كل من المدينة المنورة ومكة المكرمة، ومن ثم الأحساء الذي كان ظهوره مضاداً لمدرسة البحرين النقدية بريادة كل من محمد عبد الله الرومي، من الأحساء، وعبد الرحمن المعاودة من البحرين، ولعل النقد قد شغل الكتاب من كتابة الرواية، أو إخراجها ، حتى عام1959م، عندما ظهرت رواية حامد دمنهوري(ثمن التضحية).

المرحلة الثانية: وقد بدأت برواية الدمنهوري المذكورة، ثم رواية إبراهيم الناصر(ثقب في رداء الليل)1960. والرواية الثانية للدمنهوري(ومرت الأيام)1963، وهي رواية ضعيفة لم تضف شيئاً لعالم الدمنهوري الروائي، وفي 1969، صدرت رواية إبراهيم الناصر الثانية(سفينة الموتى)، وهناك فرق كبير بينها وبين روايته الأولى، فيعتبر نضج الناصر الروائي من هذه الرواية،(لغة وبناء روائياً وحبكة محكمة)، فقد تخلصت الرواية بمفهومها الحقيقي من سيطرة الوعظ والإنشاء إلى النقد المبطن في النص، وبهذه المرحلة تحولت الرواية إلى البناء الفني المبكر، وتحول المجتمع إلى نوع من التمدن الذي يلحقه الكثير من التبعات الاجتماعية والعلمية، وتبدو حاجاته أكثر من ذي قبل. ولعل مرحلة الثمانينيات قد شهدت التحول الثالث في تاريخ الرواية السعودية بظهور جيل القصة القصيرة، ولم تكن منافساً عنيداً للرواية،لكنها تغلبت على غيرها في جو اضطرب الشعر فيه بين قديم وجديد، من جانب، وقلة نوعية الإنتاج، من جانب آخر،واتسمت هذه المرحلة بالكم، وبظهور عدد من الأسماء ، وبعضهم من كتاب الأعمدة الصحفية، عصام خوقير، عبد الله جفري، حمزة غالب أبو الفرج،والبعض من تخصصات بعيدة، اتسم إنتاجهم بالعودة إلى الوعظ، وظهرت رواية المرأة، وهذا دليل على تعليم المرأة الذي نادى به الكتاب والروائيون من قبل ،فنجد من النساء: أمل شطا، هند صالح باغفار،وعائشة زاهر أحمد، وهناك الكثير، سيأتي التفصيل عنهم في حينه.

أما المرحلة التي شهدت زحاما شديداً في فن الرواية، فهي مرحلة التسعينيات، وإلى اليوم، وبصرف النظر عن الكم، فما تزال النوعية ضعيفة، وهذا لا يعد عيباً في الدراسات السردية، قديماً وحديثاً، فالقضية إفرازات مرحلة، ولذلك أسبابه، فالرواية لغة العصر والأكثر حضوراً ومتابعة، بعد ضعف الشعر والقصة القصيرة، وغلب على هذه المرحلة طابع كتاب الزوايا الصحفية وكتاب القصة القصيرة، وارتبط البناء بالشخصيات أكثر من الأحداث، وسيطر الوهج الإعلامي على الراوي / الروائي العالم بكل شيء،قبل الرواية، وتحولت الضمائر إلى سرد تاريخي، وتحول المجتمع إلى سلطويات تُناقش من خلال السرد الروائي ؛ ولم ترافق الرواية كل تحولات المجتمع في جزئياته الكبيرة والصغيرة،مثل دخول السيارات لأول مرة في البلاد، ودخول البث التليفزيوني، وتغير العادات الموروثة إلى عادات حداثية... وهذا يحتاج منا إلى دراسة مفصلة. هذا ملخص مقتضب جداً لما دار ويدور في الرواية من تحولات اجتماعية وفنية، سيكون في الدراسة على شكل مجموعات فئوية.

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5703» ثم أرسلها إلى الكود 82244

الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة