Telecom & Digital World Magazine Sunday27/05/2007 G Issue 209
رؤى
الأحد 10 ,جمادى الاولى 1428   العدد  209
 

الإدارة الحديثة ... بلا ورق
د.عبدالله بن سليمان العمار *

 

 

الإدارة بلا ورق أو الإدارة الإلكترونية أو الحكومة الإلكترونية مفهوم جديد من مفاهيم الإدارة الحديثة في وقتنا الحاضر، وغاية تسعى إليها المؤسسات العامة بالدولة على مختلف أنشطتها للوصول إلى الشفافية في التعامل ورفع كفاءة تقديم الخدمات والتقليل من البيروقراطية بمفهومها التقليدي الشائع، وتوسيع فرص العمل والاستخدام الأمثل للموارد المتاحة؛ حيث إن التعامل الإلكتروني هدف يتطلع إليه جمهور المتعاملين مع الإدارات الحكومية لتوفير الخدمات المميزة لهم ويخلصهم من تأخير معاملتهم وروتين الانتظار، والشعار البيروقراطي المتمثل في عبارة (روح وتعال وراجعنا بكره)

على الرغم من كل الدعوات والنداءات لإحلال التعاملات الإلكترونية بدلاً من التعاملات التقليدية والجهود المبذولة لوضع البنى الأساسية وتجهيز بوابة الخدمات الإلكترونية عبر برنامج التعاملات الإلكترونية الحكومية، إلا أن الجهود المبذولة لتطبيق الخدمات الإلكترونية في بعض الإدارات الحكومية ما زالت بطيئة، ولا تتواكب مع التطورات التي يشهدها هذا المجال الحيوي المهم لبناء المجتمع الرقمي، وإن كانت هناك بعض الإدارات الحكومية التي قد قطعت أشواطاً في التخلص من العمل الورقي أو التقليل منه لحدٍ ما، وتمكنت من إنجاز معاملات الجمهور إلكترونياً إلا أنه لا يزال الطريق أمام الكثير منها طويلاً ليستوعب من فيها متطلبات المرحلة المقبلة ويصبح إلكترونياً ينجز ما عليه في أسرع وقت لتقديم أفضل الخدمات وأجودها للمستفيد، فالطريق أمام إحلال الحكومة الإلكترونية طويلاً ويواجه تحديات وصعوبات تتعلق بتهيئة الأجهزة الحكومية والعاملين بها للتعامل مع العمل الإلكتروني بمعرفة وكفاءة محترفة.

إن مفهوم الحكومة الإلكترونية ليس برنامجاً واحداً تنفذه جهة معينة واحدة بالدولة كما يتصوره الكثيرون، وليست مشروعاً يمكن أن تقوم به وزارة أو جهة بعينها ، بل صفة يمكن أن توصف بها أي منشأة حكومية صغيرة أو كبيرة تستطيع أن تطور نظم العمل الداخلية بها وتنقلها من الشكل الورقي التقليدي ودورة المستندات إلي دورة عمل إلكترونية، بحيث تخدم نظم العمل الداخلية بها ، وترفع كفاءة أدائها ثم تخرج بخدماتها المختلفة إلى المستفيدين ، سواء عن طريق موقع على الإنترنت ، أو نظام للاستعلام الصوتي على المكالمات عبر التليفون أو غيره من الوسائل، ويتساوى في ذلك جميع المؤسسات العاملة في الدولة حين تقيم نظاماً متكاملاً للخدمات الإلكترونية الحكومية يستفيد منه جميع المواطنين طالبي الخدمة، فالحكومة الإلكترونية فرع من فروع المعاملات أو الأعمال الإلكترونية العديدة والمتنوعة التي أفرزها التلاحم الثلاثي لعناصر وسائل الاتصالات ، ونظم المعلومات ووسائل حفظ وتخزين واسترجاع وإدارة البيانات والمعلومات، والتي جسدت شبكة الإنترنت وطفرتها أحد أبرز مظاهرها، هذا التلاحم الثلاثي للعناصر كون ما يعرف بالبنية الأساسية للأعمال الإلكترونية ، والتي فتحت الطريق لنقل بيئة العمل السائدة داخل المنشأة سواء حكومية أو تجارية عامة أو خاصة والمعتمد على دورة العمل الورقية إلى دورة عمل إلكترونية يحل فيها الحاسبات ووحدات التخزين ونظم المعلومات، محل الدفاتر والمستندات التي تستخدم في المراسلات وتخزين المعلومات ، والتواصل مع الآخرين .

ولعل الكثيرين يتذكرون أن البدايات الأولي للانتقال إلى الأعمال الإلكترونية في المملكة ظهرت مع أواخر السبعينيات، حيث ساعدت الطفرة الاقتصادية التي شهدتها المملكة على الإسراع في نقل واستيعاب التكنولوجيا وإدخال نظم الحاسب الآلي في الأجهزة الحكومية، واستخدام الحاسبات الآلية لميكنة بعض الأنشطة الإدارية والمالية والإحصائية، والانتقال من استيراد التقنية إلى مرحلة اكتسابها ثم مرحلة تفعيلها في الحياة العامة والاستفادة منها في تنمية المجتمع وتحقيق رفاهية أفراده، وفي غضون ذلك شهدت المملكة كغيرها من الدول العديد من الأنشطة الأخرى التي يمكن اعتبارها بدايات مبكرة للمضي قدماً صوب مفهوم الأعمال الإلكترونية ، ومن هذه الأنشطة ميكنة العديد من الإدارات والهيئات والمشروعات في العديد من الجهات الحكومية، وأصبح من المتعين على كل منشأة أن تخرج بخدماتها ومنتجاتها وقدراتها المعلوماتية خارج حدودها الداخلية ، وتنفتح على الفضاء الإلكتروني الواسع وتقديم خدماتها الإلكترونية للجميع.

كما ظهرت في كنف الأعمال الإلكترونية أنماطاً عديدة من المعاملات ، حملت مصطلحات جديدة تناسب عصر الإنترنت ، مثل التجارة الإلكترونية التي تتعامل عبر شبكات المعلومات بين منتجين ومستهلكين ومستوردين ومصدرين، والتعليم الإلكتروني الذي يستخدم في التعليم عن بعد عبر المنازل والجامعات، والطب الإلكتروني للتواصل بين الأطباء ومرضاهم، وكان من بين هذه الأنماط ما يعرف بالحكومة الإلكترونية التي يقصد بها أي شكل من أشكال المعاملات التي يمكن أن تتم إلكترونياً بين أي جهتين حكوميتين ، أو مجموعة جهات حكومية وبعضها البعض ، أو بين المواطن وأي جهة حكومية على أي مستوى، فالحكومة الإلكترونية عبارة منظومة الحكومة المستفيدة من تقنيات المعلومات والاتصالات لتحقيق الفعالية والكفاءة في أداء الأنشطة المختلفة من أعمال وخدمات، من خلال علاقة غير مباشرة بين الموظف والمستفيد أو بين الإدارات الحكومية بعضها ببعض، ويكون الجميع مسؤولاً تجاه تطبيقها؛ فالجهات الحكومية عليها مسؤولية تهيئة موظفيها وتوعيتهم ورفع كفاءتهم للتعامل مع الأنظمة الإلكترونية، والجهة المختصة عليها التسريع في خطوات ربط الجهات الحكومية عبر بوابة الخدمات الإلكترونية، ووضع سقف زمني محدد لتطبيق برنامج الحكومة الإلكترونية، وبدون ذلك سيظل التطبيق مفتوحاً أمام فسحة زمنية غير محدودة، ومماطلة لا يعرف أحد مداها، وبالتالي التأخير في تحقيق الطموح في بناء مجتمع المعرفة الذي يعلّم ويتعلم، ويتواصل ويبتكر ويتحكم ويتاجر ويضع الأنظمة المناسبة ويتقدم في كافة جوانب الحياة من خلال استعماله للتقنية الرقمية، فالعالم في هذا المجال من حولنا وغيره يسير بوتيرة متسارعة يتطلب منا التسريع في خطواتنا ومشاريعنا، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من هذا العالم.

وخلاصة القول إن مشروع الحكومة الإلكترونية مشروع وطني كبير ليس حكراً على جهة بعينها وينبغي على الجميع النهوض بمسؤولياته تجاه تطبيقه لذا ينبغي تحديد أسقف زمنية محددة للانتهاء من أي مشروع مهما بلغت متطلباته وتشعباته، فالالتزام الزمني يضع كل جهة وكل مسؤول أمام تحدٍ في قدرته على إنجاح هذا المشروع أو ذاك، إذ لم يعد الأمر ترفيهاً أو من الكماليات بل من ضرورات العصر، وانطلاقاً من توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- الذي لا يتوقف عن دعوة الوزارات إلى الإسراع بتنفيذ مشروع الحكومة الإلكترونية الذي أصبح لا مناص منه، لخفض الكلف وتحسين الأداء وسرعة الإنجاز وفعالية التنفيذ والتيسير على المواطنين، وتطبيق مفهوم (إدارة بلا ورق) في كافة التعاملات الحكومية.

* المشروع السعودي لتبادل المعلومات إلكترونياً e-mail aammar@saudiedi.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة