| |
الأحد 25 رمضان 1393هـ الموافق 21 أكتوبر 1973م - العدد 736 سلمت يداك يا فيصل العرب بقلم: عبد الله بن إدريس
|
|
(اتقوا غضبة الحليم) عبارة تُوحي من ثنايا معناها بالرهبة وتوقع العقاب الصارم يوقعه الحليم بعد نفاد حلمه على خصمه أو المتسبب في إثارة غضبه.. قالها العرب منذ أحقاب وما زالت حقيقة ماثلة حتى اليوم كخط نهاية للحلم على من لا يفيد معه الحلم. وجلالة الملك فيصل ملك حليم وحكيم.. وقد استعمل الحلم حتى جاء الوقت الذي لم يعد فيه الحلم فضيلة مع مناصري أعداء العرب المسلمين.. وأخذ الحلم والحكمة معاً كسلاح مضاد استخدمهما سابقاً بصورة من الدبلوماسية النشطة ولكنها المتريثة.. فلما جدّ الجد وأخذ الأعداء يتحدون مشاعر العرب والمسلمين بكل صلف ووقاحة وغرور ويقدمون الأسلحة الفتاكة بل وحتى الرجال لقتل العرب وتحطيمهم والإبقاء على أوطانهم في أيدي اليهود الغزاة المحتلين - بعد هذا حصحص الحق واستبان الباطل وكشَّر الأعداء عن أنيابهم الزرقاء المتوحشة الشرهة لكسر اعتبار المسلمين وإهانتهم ومنعهم من تحرير مقدساتهم وأوطانهم واسترجاع حقوقهم المغتصبة - فما كان من جلالة الملك المسلم الغيور على دينه الإسلام وقومه المسلمين، وهو منهم في الذروة السامقة - إلا أن وقف من أولئك الأعداء موقفه الحازم العظيم.. خفض كمية الإنتاج من البترول 10% أي بأكثر مما قرر وزراء البترول العربي بالنسبة للمصدر منه إلى أمريكا.. وما هي إلا حركات إيجابية تسابق الزمن فتسبقه بهمة الفيصل وغضبته العربية الإسلامية (وإيقاف) تصدير بترولنا لتلك الدولة قطعاً كاملاً سيستمر ما استمر الدعم الأمريكي للعدوان اليهودي على الأمة العربية. هذه هي (غضبة الحليم) التي حذَّر منها حكماء العرب.. هي غضبة لله تعالى وجهاد في سبيله من إمام المسلمين وزعيمهم الذي لا تأخذه في سبيل حماية دينه وأمته لومة لائم. سلمت يداك يا فيصل العرب فأنت وبلادك المقدسة وحكومتك الرشيدة لا تعرفون أنصاف الحلول. نحن بجدك وحكمتك لا نعرف إلا الجد في معالجة القضايا الكبرى.. والحكمة في وضع الأمور موضعها.. لا شك أن بترولنا هو سلاح فعَّال في يدنا ومن حقنا بل من واجبنا أن نستخدم هذا السلاح ضد من ينشد قتلنا ودمارنا وإذلالنا ولا يمكن لمنصف في هذا العالم أن يلومنا فيما عملنا بل الكل يؤيد ويناصر ما عدا الذين في قلوبهم مرض زادهم الله مرضاً ولهم عذاب أليم. إن هذه الحرب التي يخوضها العرب المسلمون ضد الغزوة اليهودية هي حرب إسلامية مقدسة يجب دعمها بكل ما يخدمها ويحقق النصر فيها للمجاهدين المسلمين.. ولقد أدت هذه المملكة وما زالت تؤدي دورها بجانب شقيقاتها الدول المجابهة للعدوان بكل إمكاناتها العسكرية القتالية والمادية إضافة إلى جهودها الدبلوماسية المكثفة. ولعل آخِراً - وليس الأخير - ما قامت به هذه المملكة بقيادة الفيصل هو قطع البترول عن أمريكا الذي صدر به بيان من الديوان الملكي الليلة البارحة معللاً ذلك بموقف أمريكا واستمرارها في تزويد إسرائيل بالأسلحة دون انفعال ولا ضجة تثيرها أجهزة إعلام هذه المملكة كما تفعل بعض الدول الأخرى. أعود إلى ما قلته آنفاً من أننا في هذه المملكة لا نعرف أنصاف الحلول فلا بد عندما يجد الجد أن تكون ضربتها ضربة موجعة لأعداء الأمة العربية.. وقطع البترول سيتضرر منه المواطن الأمريكي أكبر الضرر وسيكون لتضرره ذلك ردود فعل شديدة تكشف العمالة التي يقوم بها الخاضعون للنفوذ اليهودي في بلاده.. ومن ذلك يدرك أيهما أجدى له: صداقة العرب الذين يستطيعون (المنع والمنح) كما عبَّر الرئيس أنور السادات.. أم هم اليهود الذين لا يستحون حتى بولائهم لوطنهم الأمريكي، بل ولاؤهم معروف لإسرائيل التي تأخذ من أمريكا ولا تعطيها.. وتكلِّفها غالياً دون أن تتكلَّف من أجلها شيئاً.
|
|
|
| |
|