Wednesday 11/12/2013 Issue 15049 الاربعاء 08 صفر 1435 العدد
11-12-2013

لم يبتهجْ أحدٌ!

(1)

أسوأ اللحظات أن تقرأ كتاباً مختلفاً يثيرك ويمتعك بفيض من الأفكار المطروحة بين صفحاته، ثم تبحث عمن يُشاركك تلك المتعة فلا تجد.. أو أن تقرأ رواية جميلة تنتشي بها وتشجيك ثم تتلفت حولك فلا تجد من تتبادل معه أحاديث حولها، وفي هذا السياق ثمة سؤال يطرح نفسه هنا، في مجال الكتابة: هل نحن في حاجة إلى آراء الآخرين؟!

في بداياتي الكتابية كنت أهتم كثيراً لآراء الآخرين، وقد وجدت يوماً حولي إحدى الزميلات في موقع العمل، أردت سماع رأيها في مقال لي نُشر في ذلك اليوم، قرأتْ المقال وكنت في انتظار سماع كلمة منها أياً كانت سواء كانت إعجاباً أو اتفاقاً بأدنى حد ممكن أو عكس ذلك، لكنها لم تبدِ شيئاً مما جعلني ألوم نفسي للتسرع في طلب رأي شخص قد لا يملك وعياً أو ثقافة أو أدنى رغبة، لا يملك فقط عدا الصمت.

قلت: إنني كنت في بداياتي أهتم للآخرين، لكن ذلك لا يعني أنني توقفت تماماً عن ذلك الاهتمام، وإنما لم يعد يتصدر قائمة اهتماماتي، عندما تثق بنفسك وتُؤمن بما تقول مستعيناً بالله أولاً، ثم صادقاً مع ذاتك ومتمكناً من ذلك الدرب الذي تسير فيه، عندها تصبح آراء الآخرين ليست بذلك الأمر الحتمي، إن غمروك اهتماماً فذلك كرم جميل تقدّره، وإن لم يحدث فذلك لا يعني أن تتراجع عما أنت فيه، آراء الآخرين إضافة جميلة لكنها ليست هي الأمر الأهم والأكثر استبداداً بعقلك ووعيك.

(2)

يُلاحظ المختصون والمهتمون بالأدب تراجع النقد الأدبي عما كان عليه قبلاً، هناك تراجع في الدراسات النقدية سواء فيما يختص بالشعر أو القصة أو الرواية، هذا في الوقت الذي نجد فيه لدينا إنتاجاً أدبياً كثيفاً فيما يختص بالقصة والرواية على وجه الخصوص، هذا الإنتاج بعضه أصيل وبعضه هش غير صالح للاستهلاك الثقافي، هو في حقيقته نسخ مقلّدة باهتة، أتمنى أن نجد مثل هذه الدراسات الجادة والتي ستساهم كثيراً في غربلة ما يُطرح من إنتاج. هذه الدراسات ستكون مفيدة جداً لكل من الكاتب والشاعر الجاد لتقييم إنتاجهما وتعديل مسارهما منذ البداية، حيث لا يملك القارئ العادي هذه القدرة المتمكنة في التمييز ما بين الغث والسمين، ولكي لا تفيض الساحة الأدبية لدينا بإنتاج رديء لا يجد من يُبدي رأياً صادقاً حوله.

(3)

يحدث أحياناً أن تستعيد ذاكرتي كلمة أو صورة أو نغماً ما، ثم أبحث عنه بإلحاح فلا أجده، على سبيل المثال: قرأت كتاباً قديماً في مرحلة مبكرة من عمري، حيث كنت في المرحلة المتوسطة، ولقراءات الطفولة والمراهقة مكانة مميزة في الذاكرة، ذلك الكتاب كان بعنوان: (عدالة السماء)، الكتاب يحوي قصصاً مؤثرة تكرِّس معنى عبارة (إن الله يمهل ولا يهمل)، هذا الكتاب لا أتذكّر مؤلفه ولا أجد اليوم له أثراً، وهناك الكثير مما غاب في عالم الواقع، لكنه لا يزال متألقاً في الذاكرة، ولهذا الحديث بقية.

مقالات أخرى للكاتب