Wednesday 15/01/2014 Issue 15084 الاربعاء 14 ربيع الأول 1435 العدد
15-01-2014

الضريبة المستقطعة «هم جديد»

استفادت مصلحة الزكاة والدخل من التعاملات الإلكترونية المتبادلة بين عدة قطاعات حكومية، فحسن تنظيم أعمالها وباتت اقدر على جباية الزكاة والضرائب، فباتت تعلم وتتابع كل مناقصة أو مزايدة أحد أطرافها جهة حكومية أو شركة مساهمة، وكذلك تعرف كل ما يستورد ومن المستورد، فأصبحت تتابع المستفيد لتحصل منه مستحقات الزكاة والضرائب أو أنها تتربص حتى يحتاج صاحب العمل لشهادة تسديد الزكاة فتطالب بكل ما ترتب من زكاة وضرائب، والسائد عند الناس أن مصلحة الزكاة والدخل لا تجبي سوى الزكاة على المواطنين أو الشركات السعودية، وربما تجبي ضرائب على الأجانب ونشاطاتهم التجارية والصناعية، وهذا الكلام صحيح إلى حد ما، لكن إذا اشترى مواطن خدمات أو مصنفات فكرية من خارج المملكة فعليه يقع عبء استقطاع ضريبة قد تصل إلى (20%) مما يحول من أموال للخارج. وعليه دفعها للمصلحة، فإن لم يفعل فهو في ورطة كبيرة، حيث ستجتهد المصلحة في تحصيل تلك الأموال ولو كان في ذلك في إفلاسه.

اليوم كثير من المواطنين الأفراد وكذلك المؤسسات والشركات الصغيرة والكبيرة يشترون برامج حاسوبية ومصنفات فكرية وخدمات استشارية، وربما تدريب عن بعد، أو باستقدام مدربين من الخارج، ويجهل معظم هؤلاء أن هناك مادة في النظام الضريبي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/1) وتاريخ 15-1-1425هـ تجبرهم على استقطاع الضريبة الواجبة على الخدمات التي تقدم لمستفيدين داخل المملكة من أطراف تجارية غير مسجلة في المملكة التي قد تصل إلى (20%) من تكلفة تلك الخدمات، هذه الحقيقة واجهت البعض بمطالبات بلغت ملايين الريالات من قبل المصلحة دون أن يستعدوا لها، وتحصيلها ربما يهدد كيان بعض المؤسسات الصغيرة بالإفلاس، ويجهض كثيرا من الطموحات الشابة.

مصلحة الزكاة والدخل تحتج بأن النظام يجبرها على جباية حق الدولة طالما علمت به وتحصلت على المستندات التي تثبته، والمطَالبين يدّعون بأنهم باعوا هذه الخدمات أو البرامج أو المصنفات الفكرية لجهات أخرى معظمها حكومية، في إطار نظام المشتريات الحكومية القائم على المنافسة السعرية، والواجب أن تتحمل الجهات المستفيدة هذه الضريبة، لكن المصلحة حسب إجراءاتها، لا تطالب المستفيد بل تطالب الذي دفع للبائع الأجنبي، على اعتبار أن المستفيد دفع الثمن كمصروفات أما البائع فقد تحصل على الثمن كواردات والضريبة لا تكون إلا على الواردات. لذا على الطرف المباشر للبائع الأجنبي أن يقتطع الضريبة قبل التسديد للأجنبي وإن لم يفعل فيتحملها هو.

هناك إشكالية كبيرة تواجه واقع الامتثال لقرارات مصلحة الزكاة والدخل فيما يخص تطبيق النظام في تحصيل الضريبة المستقطعة، فنظام المشتريات الحكومية لا يتطلب وضع بند للضريبة المستقطعة ولا ينص على وجوب إدراجها ضمن المنافسة السعرية، بل إن وضع قيمة لهذه الضريبة ضمن التسعيرات التنافسية يقضي على فرصة المنافسة، فقليل من المنافسات فيما يخص الخدمات والبرامج تربح ربحاً صافياً يتجاوز (20%)، ثم إن هناك خلط واضح بين الرسوم الجمركية والضريبة المستقطعة، فمعظم الأجهزة الحاسوبية والهواتف تحتوي على مصنفات فكرية وبرامج وحقوق اختراع، وعند استيرادها تحصّل عليها رسوم جمركية لا تتجاوز (4%) وكذلك الحال بالنسبة للكتب والمقررات المدرسية، فهل دمج البرامج في عتاد حتى ولو كان قرصا مدمجا يحول المصنفات الفكرية لبضائع، وبالتالي تصبح رهينة الرسوم الجمركية وليس الضريبة المستقطعة. هذا خلل في النظام الذي لم يفصل هذه الحالة.

لاشك أننا بحاجة إلى تنظيم دقيق وعادل للضريبة والزكاة يسند العمل التجاري ويفتح أمامه أفاق النمو والمنافسة، ولكن ما يطبق الآن يسير في الاتجاه المعاكس، فالمفروض أن تقوم المصلحة بحملة توعية وتبدأ بفرض وضع مواد في نظام المشتريات الحكومية تبين إلزامية الإفصاح بالعلم بالنظام الضريبي السعودي، وإقرار من المتنافسين بتحمل الضريبة المستقطعة على الخدمات والمصنفات الفكرية التي يستوردونها من الخارج، وتبيين الفارق بين البضائع التي ينطبق عليها الرسوم الجمركية والخدمات التي تستقطع الضريبة من قيمتها، وعلى المصلحة أن تبدأ الآن بذلك، وتكف عن الاستقصاء للسنوات السابقة، فالواضح أن المصلحة ستعمد لتحصيل الضريبة المستقطعة بأثر رجعي يبدأ من تاريخ صدور النظام في عام 1425هـ. فليستعد أصحاب الأعمال لهم جديد يضاف لهمومهم المستجدة.

mindsbeat@mail.com

Twitter @mmabalkhail

مقالات أخرى للكاتب