Saturday 08/02/2014 Issue 15108 السبت 08 ربيع الثاني 1435 العدد
08-02-2014

القرار الملكي الحازم طيّر عقول الحزبيين !

لا زالت ردود الفعل في وسائط الاتصال مشتعلة متّقدة فوارة على قرار خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله -، بتطبيق عقوبة السجن على من يشارك في القتال في مناطق النزاع والفتن كسوريا أو يدعو أو يحرض أو يدعم، أو ينتمي إلى أية جماعة مصنّفة «إرهابية» محلياً أو إقليمياً أو دولياً؛ وقد امتلأت الصحف الإلكترونية التي نشرت نص الخبر، بالتعليقات المتفاوتة على القرار من التأييد المطلق والفرحة بإصدار قرار قوي يظهر رؤية الدولة بوضوح وجلاء نحو الأزمات في البلدان المضطربة، ومشاركة بعض أبنائنا بالقتال فيها مع أية جماعة أو فرقة، ويتخذ ما فيه صالح هذه البلاد وحمايتها من آثار ما يحدث من نزاع وفوضى واقتتال بين الفئات والتيارات المتخاصمة في تلك البلدان؛ وقد أدخل هذا القرار التيار المؤدلج في حالة من القلق والانفعال غير المتزن ؛ فقد رماهم في الخاصرة وجعلهم على مفترق طرق، بين أن يكونوا مع وطنهم وقيادته السياسية ويلتزموا باتجاه الدولة الرسمي المعلن، أو يعلنوا أنهم لا يستطيعون الفكاك ولا التخلص من انتماءاتهم الأيدلوجية إلى الجماعة، التي اختطفت عقولهم وغسلت أدمغتهم ووجهتهم الوجهة التي تتغياها وتهدف إليها، مستغلة اندفاع روح الشباب لدى كثيرين منهم ومؤثرة فيهم، بدعاوى نصرة المسلمين ورفع راية الجهاد، ونحو ذلك مما يوقد حماسة كثيرين من أتباع الجماعة بالعزف على وتر العواطف الدينية السامية التي تستغل وتوجه بقصد وترصد إلى غير وجهتها، بما قد يضر ولا ينفع ويزيد الطين بلة ويعمق الأزمة ويوسع دائرتها ويلحق ضرراً فادحاً ببلادنا، وقد يجر عليها بسبب هذا التحريض ما لا يتمناه أي مخلص؛ سواء على المستوى السياسي أو الإعلامي أو العسكري .

وبمتابعة التعليقات في الصحف الإلكترونية وفي تويتر، اتضح بجلاء ارتماء المنتمين إلى جماعة الإخوان في أحضان غير أحضان وطنهم وفي قيادة غير قيادة وطنهم ؛ بل إنّ بعضهم أعلن ببجاحة أنه لن يتخلى عن انتمائه إلى الجماعة وسيظل يرفع شعارها في معرفه ؛ وكأنه ومن معه من أتباع الجماعة يريدون صرف الأنظار وتحويلها عن تطبيق روح القرار وغايته العميقة؛ وهي منع المشاركة في القتال أو التحريض عليه أو دعمه بأية صورة من الصور ؛ بينما يظل الانتماء إلى الجماعات المصنفة إرهابياً أو تأييدها بأية صورة فقرة ثانية من فقرات القرار الحازم، وقد تناسوا الفقرة الأولى التي تشكل المحور والأساس وأشغلوا الناس بإسقاط جماعتهم، وكأن رفع « الأصابع الأربعة « أهم من خروج الشباب إلى المناطق المضطربة، كما بدا من حماسة الردود وجسارتها وخروج كثير منها عن أدب الحوار!

وكأنهم يشعرون أنهم ضربوا في مقتل؛ بسلبهم انتماءهم الأيدلوجي وإسقاط الجدار الوهمي الذي يستندون إليه!

إنّ الجماعة عند كثيرين ممن كتبوا تعليقاتهم، وبعضهم رموز فكرية بارزة ومشهورة، أهم عليهم وأغلى وأعمق حباً وولاءً من وطنهم!

لقد تناسوا عمداً غاية مهمة من غايات القرار الملكي ؛ وهي منع المشاركة في القتال أو التحريض عليه ؛ وتوقفوا عند الانتماء إلى الجماعة الإرهابية ورفع شعارها أو عدم رفعه ؛ وكأنهم يتقصّدون السعي إلى إفشال موقف الدولة من حجز الشبان المندفعين إلى القتال بتوريطها سياسياً في المستنقع السوري، بإيقاد مزيد من الصدام والنزاع في المواقف السياسية الملتهبة مع دول كثيرة نحن معها على خلاف، حتماً في موقفها الظالم من الشعب السوري كإيران وروسيا، وفتح جبهة حرب مع النظام السوري الغاشم !

وهم حين يشعلون وقدة النقاش الصاخب في إصرارهم على الانتماء إلى الجماعة ورفع الشعار، يتقصّدون جعل موقف الدولة نحو تسرب المقاتلين أمراً ثانوياً ؛ بينما هو الأساس الذي يجب أن تطبّق بشأنه القرارات بحزم وبدون تراخ، حماية لأمن وطننا واستقراره وإبعاده عن تجاذبات النزاعات المسلحة والاستقطابات الدولية ومراكز القوى الجديدة في المنطقة والعالم .

يضع القرار الملكي من ينتمي إلى الجماعات المؤدلجة بين خيارين لا ثالث لهما : إما أن تكون مع الوطن، أو أن تكون ضده!

moh.alowain@gmail.com

mALowein@

مقالات أخرى للكاتب