Tuesday 25/02/2014 Issue 15125 الثلاثاء 25 ربيع الثاني 1435 العدد
25-02-2014

حزب الله أوقد النار .. فوصلت إليه

مفجع أن تسمع خبراً من هنا أو هناك، سواء في وطننا العربي وعالمنا الإسلامي أو بأية دولة أخرى، عن أعمال إرهابية سقط فيها أبرياء بفعل جماعات متطرفة، أو أحزاب شيطانية، تعيش على الفكر الباطني، وتعشق الدم المراق. كذلك من المؤلم أن تنتقل هذه الأعمال الدموية من بلد عربي إلى آخر، كما هو الحال بالنسبة للبنان، الذي يتعرض لمغامرات مجنونة، ونزعة طائفية على حساب أمنه ووحدته واستقراره؛ بسبب حزب مؤدلج، لا يتردد في العبث بأمن بلده مقابل تنفيذ أجندة إقليمية للمشروع الصفوي بالمنطقة العربية.

وهنا أعني تحديداً (حزب الله)، الذي طالما تغنى بمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، ولعب على عواطف الأمة، بينما هو في حقيقة الأمر يمارس حرباً بالوكالة لملالي طهران، بدلالة ما حدث في سوريا؛ فما إن اقترب الجيش الحر من مشارف دمشق لحسم معركته مع جيش النظام الأسدي البعثي حتى تلونت مناطق سوريا بالأعلام الزرقاء، التي يحملها مقاتلو (حزب الله) دفاعاً عن الأسد شريكهم الاستراتيجي، ومحور المشروع الصفوي. والحجة التي أطلقتها آلة إعلام (حزب الله) لتبرير الاصطفاف والقتال إلى جانب المجرم بشار أنه من أجل طرد الإرهابيين التكفيريين من الأراضي السورية، وحماية وقائية للحدود اللبنانية منهم، وهذا ما قاله صراحة حسن نصر الله الأمين العام للحزب في أحد خطاباته المتلفزة عندما أكد أنه سيذهب بنفسه إلى القتال في سوريا لو استدعى الأمر مقاتلة التكفيريين على حد وصفه. كما عبَّر بذلك وزير خارجية نظام بشار وليد المعلم في مؤتمره الصحفي على هامش مفاوضات جنيف2، عندما برر اشتراك مقاتلي (حزب الله) في الحرب الدائرة بسوريا بين جيش النظام والجيش الحر أو جيش الائتلاف السوري (ثورة ومعارضة)، بأن هؤلاء المقاتلين شباب لبناني، يدافع عن أرضه كي لا يدخلها الإرهابيون التكفيريون، وهي الأكاذيب والحجج نفسها، التي طالما رددها إعلام (حزب الله) على لسان قادته في تبرير جرائم الحزب ومغامراته السياسية على حساب لبنان بحجة مقاومة العدوان الإسرائيلي كما حدث في حرب العام 2006م.

لكن هذا الحزب العميل للمعمم الإيراني، الذي أوقد نار الإرهاب باشتراكه في قتل الأبرياء في القصير وحمص وغيرها، لم يكن يتوقع، أو ربما اعتقد أنه بمعزل عن نار الإرهاب، فوصلته إلى مجاله الحيوي ومعقله في الضاحية الجنوبية، عندما دخل في صدام دموي مع جماعات مقاتلة على الأرض السورية، لا تختلف عن تفكيره في انتهاج التفجير لأجل التغيير كـ(داعش) وغيرها، فتحول الصراع بين هذه الجماعات والحزب إلى لغة النسف وأسلوب التدمير، ورد الصاع بالصاع على حساب الأبرياء في سوريا ولبنان. وهو ما حدث في التفجيرين المزدوجين اللذين تبنتهما من تطلق على نفسها سرايا الحسين بن علي التابعة لكتائب عبدالله عزام، يوم الأربعاء 19 فبراير 2014م، في منطقة بئر حسن بالضاحية الجنوبية، حتى أن أحدهما استهدف المستشارية الثقافية الإيرانية. والمفارقة أن هذه السرايا تستخدم الأسماء التاريخية نفسها التي يستخدمها حزب الله.

وعليه.. فإذا كانت الأوضاع في سوريا مأساوية ودامية؛ لأنها نتاج حرب دائرة بين الجيش الحر وجيش الأسد، فإن الأوضاع في لبنان على الأقل كانت هادئة ومستقرة رغم جوار الحرب السورية، حتى دخل (حزب الله) على خط الأزمة السورية تحقيقاً لأوامر اللاعب الإيراني في المنطقة العربية، فصرنا نسمع التفجيرات التي تهز أمان لبنان، وتسود صحيفة أمنه بدخان الإرهاب، ونيران الإجرام التي أسهم (حزب الشيطان) في تأجيجها، ضارباً بعرض الحائط الوطنية اللبنانية، التي بنى عليها ظاهرياً المقاومة الإسلامية، وهي في باطنها مصالح حيوية للمشروع الصفوي، الذي أعلن خدمته في بيانه الصادر في 16 فبراير 1985م، محدداً في محتواه التزام الحزب بأوامر قيادة حكيمة وعادلة، تتجسد في ولاية الفقيه (الإيراني).

إن لبنان الشقيق والبلد العربي الجميل لن يهنأ باستقرار أو يعيش بسلام ما دام (حزب الله) دولة داخل دولة، وما دام سلاحه مشرع بحق وباطل، وما دامت أعماله الحزبية تتجاوز صلاحيات الحكومة، وما دامت أجندته السياسية فوق مصالح الوطن، وما دامت عقائده الدينية تموج بالنعرات الطائفية؛ لذلك فأول خطوة لعودة الأمن والاستقرار التام إلى لبنان هو أن يجعل (حزب الله) مصالح لبنان هي العليا، ولا يكون ذلك إلا بترك نار الإرهاب التي يشعلها في جنبات لبنان وعلى حدوده بحجج واهية، تارة بحجة المقاومة، وتارة أخرى بحجة قتال التكفيريين، وهو من يروج للتكفير بالمنطقة العربية.. فاليوم نار الإرهاب وصلته.. وغداً قد تحرق لبنان لا قدر الله.

moh.alkanaan555@gmail.com

تويتر @moh_alkanaan

مقالات أخرى للكاتب