Tuesday 08/04/2014 Issue 15167 الثلاثاء 08 جمادى الآخرة 1435 العدد
08-04-2014

ويسألونك عن حقوق المريض!

شاء لي قَدَري أن أشاهد حلقة من برنامج الأستاذ (داود الشريان) المعنون بالثامنة مساء.. وكانت الحلقة تتناول الجريمة التي ارتكبها رجل سعودي ضد وافد هندي بطعنه مراراً حتى الموت. شكل الحلقة كاد يكون مميّزاً،

لكنّ النبرة التي طغت على الحوار بين (داود) وضيوفه من المتخصصين في مسألة المخدرات من أطباء مستشفى الأمل والذين قاموا هم والأستاذ - داود - بتحميل المرضى النفسيين، (والمدمنون هم مرضى بسوء استخدام الكحول أو العقاقير) ما لا طاقة لهم به. إن من حقوق المريض النفسي أن يتعامل مع الآخرين بحسب ما يتعاملون به معه.. أو على الأقل أن لا يصبح الإنسان صفراً في الشمال. لست أتحدث عن ما هو محتمل في مصير الرجل.. فالغالب أنه سيُحكم (بالإعدام)!. ولكنني ألفت نظر السادة الذين تحاوروا مع الشريان إلى تناقضات قاموا بارتكابها.. مثل اعتراف طبيب منهم بأن دور المستشفى لا يتجاوز الـ30 % وأن الدور الأهم يقع على عاتق العميل نفسه أي: المريض بمفهومنا، حيث تقرأ على حيطان المؤسسات الطبية (عزيزي المريض...)!.. ونعرف أن من أدبياتنا الاجتماعية أننا نقوم بكل ما يمكننا لكي نشعر مريضنا أنه متوعك أو أنه هنا ليس لمرض ولكن للراحة قليلاً.. وإن جئنا إلى جوهر الموضوع فإننا نستغرب أن يكون ضيوف الأستاذ (داود الشريان) من داخل مؤسسة يهمها قبل كل شيء أن ترفع التقارير (ولست أدري من الذي خفّضها من قبل!). إن حقوق المريض هي المضمون الغائب في العملية الصحية.. ونحن لم نزل ننظر إلى المريض نفسياً على أنه ليس كفؤا حتى لمناقشة طريقة علاجه.. وهذا حق من حقوقه كإنسان. لا يزايد فيه أحد.. وثانية الأثافي إن كان يصح لغوياً - والرأي للزميل الدكتور حسن الهويمل - أننا حين نحاول تحليل الموضوع نضع اللوم كله، على أن ذلك الذي يرتكب حادثاً شنيعاً كالقاتل موضوع الحلقة هو مدمن ويتفضل مدير إدارة مؤسسة حكومية بتحويل البرنامج إلى درس طويل في أن المخدر الفلاني يحتوي على مادة كذا والمعروفة بتدميرها لخلايا المخ وننسب حالة القاتل إلى أنه مدمن بدل أن نسميها كما هي - علمياً - أي: تكرار التعاطي بسوء استخدام المادة المخدرة أو سوء استخدام الكحول.

إنني لست في وارد الدفاع عن القاتل! ومن يمكن له أن يدافع عن أحد أزهق روحاً قبل قضاء الله لها.. ولكنني أحاول تصحيح النظرة المجتمعية التي تعتبر مجرد أن يصاب شخص ما باضطراب وجداني أو حالة من الأمراض التي تتشبث بنفس الإنسان مثل خيوط العنكبوت.. وإذا كنا نلوم المرضى الذين لا يطلبون العلاج فإننا نلوم بالوقت نفسه الأطباء الذين يمارسون مهنة الطبيب النفسي، وفي باطنهم شيء من الاحتقار بل والشك في ما يرويه المريض عن معاناته لأنه دخل في (روعنا) أن المريض نفسياً هو في العادة (كذاب) أو على الأقل: مخادع ومراوغ.. وأن فقهاءنا من الأطباء النفسيين يعملون باجتهاد وهذا أمر فيه قولان!.. ففي عياداتهم الخاصة يمارسون عملاً تجارياً بكل المقاييس لأنهم يسمحون للصيدليات التي يملكونها كلها أو شيئاً ما من دخلها بأن يبيع الصيدلي الأدوية التي وصفوها وبعضها ميزته الوحيدة أن سعر العلبة منه فيما بين الأربعمائة ريال والمائة وخمسين.. دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن أقل الأسعار وعن أدنى التكاليف التي يتكبدها المريض نفسياً كونه مريضاً وإن كان مرضه صعباً حتى على الجبال تحمله وهو في العادة - أعني المريض - يعتبر أدنى درجات المجتمع من الناحية المالية. في الوقت الذي يكلف مستشفى صغير للصحة النفسية عشرات الملايين.. فأين يذهب الباقي؟!

hjarallah@yahoo.com - alhomaidjarallah@gmail.com

www.jarrallah.com - حائل

مقالات أخرى للكاتب