Friday 06/06/2014 Issue 15226 الجمعة 08 شعبان 1435 العدد
06-06-2014

انحطاط الأغنية

بينما تواصل الساحة الغنائية العربيَّة (بوجه العموم) انحدارها، يواصل (تويتر) كسب مزيد من (النزيف) وكشف أقنعة وحقيقة فناني المرحلة الذين انتهى بهم المطاف إلى مصاف الفنانين الأكثر (سطحية).

اليوم تعيش الساحة الفنيَّة «وأقصد الأغنية» عصر ظلام مطبق وانحدار شديد وإسفاف ولغة سوقية شوارعية مبتذلة يقودها فنانون وفنانات كان لهم على المسرح (فقط) صولات وجولات، بينما حملوا عقولاً فارغة في تعاملهم المباشر مع الجمهور.

لا أتحدَّث عن شاعر (سخيف) جعل من تويتر منصة له ليفرغ شحنات مرضه النفسي، ولا عن صحافي (رخيص) ارتضى لنفسه أن يكون (مسخرةً) لمن يدفع له بأقل الأثمان، بل أتحدَّث عن فنانين كان لـ(تويتر) الفضل الكبير أن كشف عن حقيقتهم المتواضعة وطريقة تفكيرهم واهتماماتهم التي لا تتعدى أصابع القدم.

نحن اليوم نعيش في مهزلة ما مثلها مهزلة، وانقلاب في مفاهيم الفن الذي لم يعد اليوم سوى (مطية)، بات الواحد يخجل من الانتساب له أو العمل في فلكه.

اليوم بات تويتر وسيلة إعلام تملك من السرعة، ما إن تُنْشَر التغريدة حتَّى يطير بها رُكبان (الريتويت) وتصويرها والتعليق عليها ووصولها إلى ملايين الناس خلال دقائق معدودة، العالم لم يعد قرية صغيرة، بل بات أقل من ذلك، ولا مانع أن قلنا: إنه صار «غرفة صغيرة».

لم نكن بحاجة أن يصفنا أحد ما «كخليجيين» في مكان ما خارج حدود الخليج بالسطحية الكبيرة، وأننا محدثو نعمة، ولا نملك من العقل شيئًا، لمجرد أن فنانة مثل أحلام ترمي شتائمها على الصغير والكبير وتحتقر هذا وتشتم ذاك دون رادع وبسقف نقد عالٍ.

أحلام لم تضع نفسها في مأزق، بل وضعت كل من حولها في ذات الموقف، وخصوصًا الذين لديهم نسبة قليلة من الاستعداد للدفاع عنها.. وما تفعله اليوم يجعلهم في حيرة من أمرهم... كيف نُدافع عنها اليوم، وما الذي يضمن لنا أنها لن تأتي بـ(طامة) أكبر في الغد، وإلى متى سنظل على هذا الحال؟.

أوردت هذه الفنانة كمثالٍ، لكنها واحد من أهم الأمثلة التي تؤكِّد لنا أن الفن (يُنازع) بوجودها في أحضانه، وهي واحدة من الذين يعشقون التجديد في حروبهم، وأخشى ألا تنتهي السنة الحالية إلا وهي تشتم نفسها وتحاربها، ولطالما أشرت على مقربين منها نصحها وتنبيهها لكن لا حياة لمن تنادي، وربما بعضهم له فائدة من اندفاعها الذي أخشى أن يرتد عليهم يومًا ما.

الجاهل عدو نفسه، وعادة ما أحذّر مثلما فعل من هم قبلي من (الصديق الأحمق)؛ الذي يحدث اليوم هو (مهزلة) ما بعدها مهزلة، والجمهور بدأ ينصرف عن الأغنية وأهلها، ربَّما بسبب ما ورد أعلاه.

بقيت نقطة أخرى سأعرّج عليها سريعًا، وهي انبهار بعض الجماهير بأصوات (ضعيفة) مثل الشاب عبد الله عبد العزيز الذي لا يستحقُّ صوته كل هذه (الهمروجة)، وسكب بعض الزملاء كل كلمات المديح والإطراء على صوته، ليس لسبب سوى كسب جمهوره التفاعلي، ما عدا ذلك فهو ضرب من المستحيل، وهو ما زال يتلمّس طريقه، وكل هذا المديح «الزائد» لن ينعكس عليه إلا بالسلب.

m.alqahtani@al-jazirah.com.sa

twitter: @mohadqahtani

مقالات أخرى للكاتب