Monday 23/06/2014 Issue 15243 الأثنين 25 شعبان 1435 العدد
23-06-2014

من «تعلم لغة قوم» نَعم .. ولكن!

* إذا كانت معرفة لغة قوم في الزمن الخالي ترفاً ثقافياً أو (عملة) نادرة، أو (تقليداً) مستورداً، فقد باتت في عصر (العولمة) التجارية والثقافية وفنون و(جنون) العيش أكثر من ضرورة، ولهذا القول ألف حجة وتبرير!

* * *

* ولكن .. الاهتمام بلغة أجنبية لا يعني بأي حال من الأحوال أن تكون (بديلاً) عن لغتنا العربية المتينة أصولاً وجذوراً وتطبيقاً، وهي جزء لا يتجزأ من هويتنا الوطنية التي نرهن لها رقابنا ولاءً والتزاماً!

* * *

* أقول هذا منتقداً بعض من يلْوُون ألسنتَهم ويتنكّرون للغتهم الأم، مع قدرتهم على التعامل معها قراءةً وكتابةً، بل لا أتورع عن القول إن في هذا التوجُّه نوعاً من (التنطع) المغرق في التكلّف، والمجاهرة بعصيان لغة القرآن والتنكر لها.

* * *

* واستثني من ذلك موقفاً يكون المتلقّي للحديث يتقن لغة أخرى غير العربية، هنا، يجوز للمتحدث أن ينطق عنواناً أو مصطلحاً بلغته الأجنبية الأم، حين لا يكون له رديف واضح في لغتنا العربية!

* * *

* انظروا يا قوم إلى المواطن الياباني أو نظيره الصيني

أو الكوري، تمثيلاً لا حصراً، الذين يفخر كل منهم بلغته إلى النخاع، حتى ولو كان يجيد الحديث بلغة أخرى، الأمر عند أيّ منهم وسواهم يتعلق بالكرامة الوطنية، وشرف الهوية!

* * *

* إنّ الغايةَ من هذا الحديث ليس التزهيدَ في تعلم لغات (الآخر) حتى يبلغ مستوىً من الإتقان، وكثيرون منا درسوا في جامعات الغرب، واكتسبوا مهارات الحديث والكتابة بألسنة أهله، وبدرجات متفاوتة من الإتقان، وحين يحضرُ فرد منا ندوةً أو اجتماعَ عملٍ فـي أي من تلك الديار، فإنه لا جُناحَ عليه أن يستخدم (لغة القوم) كي يفتحَ الحوارُ مسَاراتِ التعارف المباشر مع الآخر، والفهم الواضح، وتبادل المعلومة بينه والآخرين، وهم بدورهم سيقدرونه وسيكون ذلك (مفتاحاً) لنجاحه في أي موقف تشاوري أو تفاوضي أو إعلامي.

* * *

* هنا فقط، تكون الاستعانة بلغة غير لغتنا الأم، أكثرَ من ضرورة، لا تَضرُّ ولا تضِيرُ، أما التنطع في المجالس بإقحام كلمات أو مصطلحات أجنبية قسراً على نص الحوار مع شخص أو أشخاص لا يتقنون تلك اللغة أو لا يعرفونها أصلاً فاجتهادٌ في غير محله.. يضرُّ ويضيرَ معاً!

* * *

* آتي أخيراً إلى موضوع آخر ذي صلة بحديث اليوم، وهو إطلاق مفردات أجنبية على مرافق خدمية كالأسواق المركزية أو الحوانيت ونحو ذلك تعريفاً بها، (وإكساباً) لها (حلاوةَ) العولمة ولذة الانتشار، كقول أحدهم :(عوض بلازا) أو سمير (جاليري) أو سعيد (سنتر)، تمثيلاً لا حصراً، والحق أقول: إنني لا أرى في هذه الاشتقاقات و(التلزيقات) أيَّ فائدة أو معنىً، إلاّ في حالة واحدة أن يكون المرفقُ فرعاً لشركة أو مؤسسة أجنبية، فهنا، يجوز في مثل هذا الحال ما لا يجوز في سواه استثناءً!

مقالات أخرى للكاتب