Friday 18/07/2014 Issue 15268 الجمعة 20 رمضان 1435 العدد
18-07-2014

بكاء من أجل غزة

ضاقت بي الأرض، ضاق المكان، اختنقت، غصت العبرة داخلي، فطلبت من السائق أن يصحبني خارج الرياض، أي مكان أتوحد فيه بحزني، بكيت بصوت عالٍ لأتأكد أنّ حواسي بخير، صرخت فسمعت صوتي، بكيت فتحسست دمعي، لأن الذي يحدث في غزة من قتل وتدمير وفي الشهر الفضيل لأمر يخرج عن احتمال البشر وطاقتهم.

أولئك الأطفال الذين هربوا من منازلهم إلى أماكن قد تكون أكثر أمناً، إلى فصولهم الدراسية التي كانت لهم دار علم وقبلة تعليم ثم ما لبثت أن تحوّلت لملاجئ، سرعان ما استهدفها الاحتلال، فهرب منها من فرّ بطفولته ومات تحت رمادها من طالته قذائف المحتل.

أطفال فلسطين وغزة سرقت منهم طفولتهم فكبروا كما النهر يثقل بما يحمل مما شابه وسرعان ما يهرم.

أطفال تلك الديار يتّمهم الموت باكراً، فضاعت براءتهم خلف أسوار الغياب والحنين وأمل موعود، أصبحوا رجالاً قبل أوانهم يحملون الحزن على أكتافهم ويتحجّر الدمع في مآقيهم، ويكبر الوطن حتى يتخطّى خارطة الكون، يصبح عرضاً يستميتون لأجله وهوية وجواز سفر.

أولئك الأطفال الذين كانت حناؤهم دماء أقرانهم ممن ودعوا الحياة، إما تحت القصف فضل الإنقاذ عن جثثهم، وإما في المستشفيات لفظوا أنفاسهم الأخيرة بين فجيعة أم ثكلى، وأب خانته اللحظة فبكى ونحب واستعطف الجسد البالي أن يستيقظ مؤملاً الغياب، بشراء الدمى واصطحابه للملاهي ووو ...

تلك الطفلة التي تناقلتها وسائل التواصل الإلكتروني وهي تصرخ في وجه الجندي المحتل تعنفه وتسأله : وين أخذتوه؟ لم يرحم طفولتها وفجيعتها بأبيها أو أخيها المأسور، وكان الجندي يضحك مع الآخرين ساخراً بالطفلة الفلسطينية التي لم تفزعها كل الأوزان الثقيلة التي يحملها من الأسلحة المدجج بها.

آه غزة.. يا وجع الحرف إذ يترنّح من الألم. يا همس الأشلاء المقهورة التي تكاد تصرخ من هول ما رأى أصحابها الفارّون من قبضة الموت إليه، آه فلسطين وكل تلك الكروم والجبال والسهول والمراعي تستنجد السماء لتتلّطف بأهلها، آه غزة وأولهم يصارع آخرهم على السلطة والوصاية وأنت المغدورة لا حول لك ولا قوة.

خذلتك الأحزاب التي استعرضت عضلاتها متوعّدة متهدّدة، ثم ضلّت صواريخها لتستقر في باحات الأبرياء، خذلك العائدون إلى التاريخ يرتدون ظلاله السوداء وراياته المزوّرة، لتغوص خناجرهم وتتفجر أحزمتهم الناسفة في قلب المسلمين الآمنين.

لك الله غزة هاشم ولأهلك الخلود.

من آخر البحر لنزار قباني

يرمي حجرا أو حجرين

يقطع أفعى إسرائيل إلى نصفين

يمضغ لحم الدبابات ويأتينا من عير يدين

في لحظاتٍ..

تظهرُ أرضٌ فوقَ الغيمِ،

ويولدُ وطنٌ في العينينْ

في لحظاتٍ..

تظهرُ حيفا.

تظهرُ يافا

تأتي غزَّةُ في أمواجِ البحرِ

تضيءُ القدسُ،

كمئذنةٍ بين الشفتينْ..

mysoonabubaker@yahoo.com

Mayabubaker@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب