Sunday 27/07/2014 Issue 15277 الأحد 29 رمضان 1435 العدد
27-07-2014

لقد بلغت جرائم الدولة العبرية المدى!!

في عام 2005 غادرت إسرائيل غزة وسط حملة إعلامية إسرائيلية واسعة النطاق تبرز نوايا إسرائيل في الرحيل عن جميع الأراضي الفلسطينية تزامنا مع تأكيدات الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش أن فترة رئاسته ستشهد تحقيق حلم الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة

وعاصمتها القدس الشريف وصدقه الكثيرون، لكن الرجل رحل وذهب ذلك الحلم مع السراب،وجاء السيد أوباما ليكرر وعد خلفه، لكن وعود الرجلين ذهبت إدراج الرياح.

البديل لهذه الوعود الأمريكية أن مجرمي الدولة العبرية وعلى رأسهم الجزار نتنياهو شنوا الحرب تلو الأخرى على غزة وأهلها ففي أواخر عام 2008 شن الجيش الإسرائيلي عدوانا صارخا على غزة اختار له اسم (الرصاص المصبوب) وفي أواخر عام 2012 كانت حرب (عمود السحاب) وفي تلك الحربين المدمرتين أزهق جيش العدو الصهيوني أرواحا من القتلى والجرحى والمعاقين بالآلاف، ناهيك عن التدمير الشامل للبنية التحتية في قطاع غزة.

العدوان الحالي أطلق عليه الاحتلال عملية (الجرف الصامد) في شهر رمضان المبارك ليرى العالم الظالم بأم عينيه الدماء الفلسطينية تسيل في الشوارع والمنازل التي هدمت على رؤوس أهلها لتبلغ صرخات الأطفال والنساء والشيوخ عنان السماء، ولم تسلم المساجد والمدارس والمستشفيات والملاجىء التابعة للأمم المتحدة التي أصبحت هدفا رئيسا للعدوان البربري.

معروف أن عدوان 2008 جاء والانقسام الفلسطيني في أوج الخلاف على السلطة (المزعومة) بين فتح وحماس إثر سيطرة حماس على قطاع غزة وكذا عدوان 2012 أما العدوان الحالي فقد جاء في ظل حكومة توافق وطني متفق عليها بعد إنهاء الانقسام أواخر أبريل الماضي، لكن إسرائيل ضد اتفاق الفلسطينيين على طول الخط وهي تطبق مبدأ فرق تسد لأنه في النهاية يصب في مصلحتها محققا أهدافها.

وإذا كانت حماس في عدوان 2008 قد استخدمت صواريخ محلية الصنع أقصى مدى لها كان 45 كلم وفي العدوان الذي شنته إسرائيل ضدها في 2012 استخدمت صواريخ غراد وام 75 فإنها في العدوان الإسرائيلي الحالي قد وسعت دائرة استهدافها بصواريخ بلغ مداها 160 كلم بينها آر 160 وجي 80 لتصل مدن على رأسها تل أبيب وعسقلان والقدس وبئر السبع.

وإذا كانت هذه هي قوة حماس البدائية المطعمة بصواريخ إيرانية فإن إسرائيل تمتلك قوة ضاربة من الدبابات القتالية المتطورة إضافة إلى راجمات الصواريخ والطائرات المقاتلة والقاذفة وطائرات هليوكوبتر والغواصات النووية وزوارق وصواريخ (القبة الحديدية)، ومن الصفقات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة لربيبتها إسرائيل (500) قذيفة للإطلاق في الجو بلغت قيمة الصفعة حوالي (320) مليون دولار.

الدولة العبرية تعتبر خامس دولة نووية على المستوى الدولي فيأتي ترتيب إسرائيل بعد فرنسا التي تحتل المرتبة الثالثة بعد روسيا وأمريكا بامتلاكها أكثر من (400) رأس نووي تليها فرنسا بأكثر من (340) فإسرائيل بـ(200) وفي آخر القائمة للكبار نوويا تأتي بريطانيا فنصيبها يزيد على (180) رأسا نوويا.

وإذا كان مجرمو إسرائيل قد ارتكبوا جرائمهم غير المسبوقة في التاريخ بأسلحة أمريكية بعضها محرم ومنها (الفوسفورية)، فإن لهذه الجرائم عقوبات محددة يجب أن توقع على مرتكبيها، بعد أن خرقت إسرائيل كل قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف لحماية المدنيين في وقت الحرب لعام 1949 واتفاقيات جنيف لحماية حقوق الإنسان وغيرها.

وأهل غزة يقتلوا ويحرق أطفالهم وتهدم بيوتهم على رؤوسهم، وتستعمل ضدهم أعتى الأسلحة وأعنفها وأشدها ضرراً وإيلاماً، ومع هذا نقرأ في ديباجة نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي سرى مفعولة في أول يونيو 2001 (هذه الجرائم الخطيرة تهدد السلم والأمن والرفاه في العالم، وتثير حنق المجتمع الدولي بأسره فيجب أن لا تمر دون عقاب).

وماذا عن جرائم مهاجمة المدنيين عمداً، وجرائم الإبادة، جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، فرض الحصار والتجويع بالحرمان من الحصول على الطعام والدواء، جرائم التمييز العنصري، جرائم مهاجمة المساجد والمدارس والمستشفيات ومقرات الأمم المتحدة، والمؤسسات الخيرية وفي مدينة هي الأكثر كثافة سكانية في العالم.

وإذا كانت هذه بعض الجرائم التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي وقادة إسرائيل ومنهم أولمرت وشارون وبيريز وليفني وباراك ونتنياهو وغيرهم كثر، وإذا كانت الدولة العبرية غير منضمة للمحكمة الجنائية الدولية، إلا أن هذه المحكمة هي التي أصدر مدعيها العام أمراً بالقبض على الرئيس السوداني البشير ووجد الترحيب لدى مجلس الأمن.

وإذا تأملنا بعض نصوص مواد قانون المحكمة الجنائية الدولية ومنها المادة الخامسة التي حددت الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة وكذلك المادة السادسة، السابعة، والثامنة التي شرحت تفصيلا المفهوم القانوني لجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وكذلك جرائم الحرب وغيرها من الجرائم، إذا استعرضنا تلك المواد التي حددت الجرائم المعاقب عليها نجد أن جميع الجرائم التي ورد النص عليها، بل أكثر منها قد ارتكبها قادة اليهود وجنودهم ضد الفلسطينيين العزل بلا وازع من خلق ولا رادع من ضمير!!

وليس هناك معلومات أو وثائق أو مستندات أكثر وأهم من هذه التي تؤكد الإدانة القطعية لهؤلاء المجرمين الذين داسوا بالحذاء القديم على القانون الدولي وميثاق المنظمة التي قبلتهم عضوا فيها وهم أول من خرق نظامها؟ وهم الذين رموا كل قرارات الأمم المتحدة ومجلس أمنها وهي أكثر من 425 قرارا تدينهم في (المزبلة).

إن العرب يستطيعون استخدام نصوص القانون الدولي وتسخير ما تحت أيديهم من وثائق ومستندات ووقائع، يستطيعون رفع قضايا مباشرة إلى المحكمة الجنائية الدولية بشأن اتهام قادة الدولة العبرية وجنودها المجرمين ويطلبون محاكمتهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة ضد الفلسطينيين، ولا شك أن القرار الذي اعتمده مجلس حقوق الإنسان في جنيف الأربعاء الماضي بشأن إيفاد لجنة تحقيق دولية مستقلة على وجه السرعة يتم تعيينها من قبل رئيس مجلس حقوق الإنسان للتحقيق في جميع انتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية ولا سيما في قطاع غزة المحتل الذي تعرض ويتعرض لحرب إسرائيلية مدمرة وأهمية هذا القرار الذي اعترضت عليه الولايات المتحدة كالعادة يستبعد مساعي العرب لمعاقبة مجرمي إسرائيل أمام المحاكم الدولية ومنها محكمة الجنايات الدولية.

المهم أنه في هذا الشهر الكريم شهر الانتصارات الإسلامية ففيه معركة بدر الكبرى التي كسرت شوكت المشركين فالله آزر رسول الله صلى الله عليه وسلم وجنوده بالملائكة، في هذا الشهر تتعرض غزة ذات المساحة الصغيرة بسكانها 1.8 مليون نسمة محاطة بإسرائيل من جميع جوانبها لتصبح أكبر سجن عرفه التاريخ الإنساني وتضرب الدولة العنصرية بيد من حديد بقوتها المعراة لتقتل الأطفال والنساء والرجال لتسجل فاجعة كبرى على أرض فلسطين، محرقة غزة الثالثة، المجزرة الكبرى خطط لها بحقد دفين ووحشية بدهاء وحقد يهودي وضعت خططه منذ وعد بلفور اللعين 1917م، وما تبعه من تقسيم عام 1947 وإقامة الدولة العبرية عام 1948 ليخرج من رحمها قتل وتشريد وتجويع للشعب الفلسطيني!!

إن ما حدث ويحدث من فواجع وكوارث إنسانية على أرض غزة المنكوبة، فوق القدرة على التحمل، نفوسنا جراء هذا العمل الدنيء اجتاحتها مشاعر خليط من الغيظ والحزن والأسى، ونحن نرى دماء أهل غزة تسيل كالأنهار والأطفال والنساء والرجال هائمين سراعا بين الشوارع لايعرفون أين يستقرون تحت وطأة (القوة) البربرية لدولة نازية في الألفية الثالثة، ورغم ان مجلس حقوق الإنسان الذي صدر قراره الأربعاء الماضي في جنيف قد أدان بأشد العبارات الانتهاكات واسعة النطاق والمنهجية والجسيمة لحقوق الإنسان والحريات الأساسية الناجمة عن العمليات العسكرية الإسرائيلية التي نفذت في قطاع غزة منذ 13 يوليو الجاري عن طريق الجو والبر والبحر واستهدفت المدنيين والممتلكات المدنية وغير ذلك بما يخالف القانون الدولي ويرقى إلى كونه جرائم دولية، وطالب القرار الدولة العبرية إنهاء إغلاقها غير الشرعي بشكل كامل لقطاع غزة المحتل بما في ذلك من خلال فتح فوري ودائم وغير مشروط للمعابر لتدفق المساعدات الإنسانية والسلع التجارية والأشخاص من وإلى قطاع غزة.

فإن ما فعلته وتفعله إسرائيل بقواتها الظالمة المدعومة أمريكيا بأهل غزة من مجازر بالإبادة جماعية لشعب يطمح لتحرير نفسه من الاستعمار والاحتلال الصهيوني الذي سجل التاريخ مجازره في دير ياسين وصبرا وشاتيلا وجنين وقانا والقدس وغيرها، واستكمل في غزة لتصبح الأبشع والأكثر دموية لن يكون الأخير، فالمستقبل حبلى بنكبات أشد وأمر!!

info@dreidaljhani.com

رئيس مركز الخليج العربي لدراسات واستشارات الطاقة

مقالات أخرى للكاتب