14-08-2014

متقاعدون على حدود خط الفقر

عوامــل كثيرة جعلت من الموظف الحكومي المتقاعد إنسانا يعاني ضغوطات حياتية لم يعرفها إلا عندما غادر كرسي الوظيفة بعد سنوات طويلة من العطاء. قد يتواجد المتقاعد داخل دائرة مخنوقة بالضغوط الاجتماعية مثل الاهمال من المحيطين والفراغ، وفقد مكانة اجتماعية حظي بها أثناء العمل الوظيفي وعلاقات ربما كانت واسعة تمتع بها البعض أثناء العمل وبمجرد أن غادر الكرسي تفرقت الجموع، لكن الضغط الأكبر هو الضغط المالي.

تخيل موظفاً كان يستلم مرتبا شهريا جيدا قد يتجاوز العشرة آلاف بفضل بعض البدلات يهبط راتبه بعد التقاعد إلى الربع وخصوصا العسكريين. لنأخذ حالة العسكري متقاعد عبدالرزاق والذي روى تفاصيل معاناته لصحيفة الوطن. فهو من مواليد عام 1387هـ خدم في السلك العسكري 18سنة. كان راتبه أثناء الخدمة تسعة آلاف ريال فوجيء بعد تقاعده بأن راتبه التقاعدي أستقر عند 1975 ريالا فقط. هذا المواطن يعول أسرة مكونة من سبعة أفراد، ولا يملك سكنا لأن النظام يجبره على إخلاء السكن بعد التقاعد خلاف الأحمال الزائدة من متطلبات المأكل والملبس والمشرب، هل يكفي هذا الراتب البسيط لمواطن ليس لديه أي مصادر أخرى للدخل؟ قد يكون لبعض المتقاعدين محاولات ناجحة لإيجاد مصادر متعددة لزيادة دخولهم، لكني لا أعتقد أن الجميع قادرون على الوصول لتلك المصادر ؛إذ إنها تخضع لعوامل كثيرة وتبقى مسألة التوفيق أولا ثم القدرات الذاتية إلى جانب العلاقات حاسمة في فتح مصادر جديدة أمام المتقاعد المتعطش لأي إضافات مالية تعينه على صعوبات الحياة بعد التقاعد.

لعل من المصادر التي أوجدتها الدولة لرفع مستوى معيشة المتقاعدين وتغلبا على بعض أنظمة التقاعد العتيقة التي لم تتغير من زمن طويل أن منحت المتقاعد فرصة لرفع مستوى دخله بالاستفادة من إعانة الضمان الاجتماعي التي تقدم لآلاف المحتاجين في المملكة، لكن للأسف هذه الإعانة وقف أمام منحها من رأى أن المنح لا بد أن يخضع لشروط صعبة، فإذا كان شرط احضار تقرير طبي يفيد بوجود عجز صحي يمنعه عن العمل مقبولا فإن شرط أن لا تمنح الإعانة لأي متقاعد تحت الستين غير واقعي بل أنه جوبه بردود فعل ساخطة من عدد من المتقاعدين المتضررين، وقد يرى البعض حلا منطقيا باعتبار مقدار الراتب التقاعدي شرطا للحصول على المعونة شريطة ألا يكون لدى المتقاعد أي مصادر دخل، أو وجود صعوبات في الحصول على عمل.

ما ذنب العسكري الذي يقاعد بقوة القرار في سن مبكرة قد تكون دون الخمسين، أو الموظف الحكومي الذي تجبره الظروف لأي سبب قد تكون بعضها خارجة عن إرادته، إضافة إلى أنظمة التقاعد الصارمة والتي لا تمنح المتقاعد إلا مكافأة نهاية خدمة قليلة لا تقارن بما يحصل عليه موظف القطاع الخاص عند نهاية خدمته. ماذا يأخذ « المت قاعد « وهو يغادر أبواب دائرته الحكومية دون رجعة. في أحسن الأحوال درع تذكاري لا تتجاوز قيمته خمسين ريالا أو شهادة تقدير مكتوبة على ورقة كرتونية مزركشة هذا إن كان من المرضي عنهم.

أتمنى أن لا تزيد وزارة الشؤون الاجتماعية فقر المتقاعدين، وأن تساعدهم على تحمل أعباء الحياة بالتقليل من الشروط الثقيلة، وإلغاء شرط أن يكون المتقاعد قد تجاوز سن الستين كي يستفيد من إعانة الضمان الاجتماعي.

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب