بعد التردد والضغط الأمريكي على الجيش المصري بقيادة السيسي نحى الرئيس المصري المشير عبد الفتاح السيسي منحى الرئيس جمال عبد الناصر عندما أمم قناة السويس عام 1956 بعدما رفض البنك الدولي تمويل مصر لبناء السد العالي ونقل جمال عبد الناصر ملكية القناة من فرنسا إلى الحكومة المصرية مع تعويض المساهمين ، وشارك في بناء السد العالي الاتحاد السوفيتي. رغم أن السيسي لم يقلد جمال عبد الناصر في طموحاته الخارجية ، بل صب جل اهتمامه على إعادة تنشيط الاقتصاد المصري المنهار منذ انتفاضة 2011 التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك .
وبدأ السيسي بخطوة جريئة للاستفادة من موقع القناة بإطلاق مشروع مصري لقناة سويس موازية جديدة بكلفة أربعة مليارات دولار لتعزيز القدرة التنافسية للقناة ومنحها أفضلية وتحويلها إلى مركز لوجستي عالمي يرافقه إنشاء تجمعات زراعية وصناعية كبرى، يمكن أن تقود هذه الخطوة قفزة اقتصادية كبرى من المشروع ،ويمكن أن توفر مليون فرصة عمل ،وتوسع من دائرة الملكية للمصريين من خلال المساهمة في ملكية مشروع القناة.
تستهدف الدولة التخلص من عجز هائل في الميزانية إذ تشير تقديرات إلى أنه سيصل إلى 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية التي بدأت في الأول من يوليو 2014 ،وإنعاش اقتصاد تضرر بانخفاض الاستثمار الأجنبي وتراجع السياحة منذ الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في العام 2011 ،ووضع مصر على طريق التعافي علامة على تفاؤل المستثمرين ، ارتفع على اثر تلك الخطوات مؤشر الأسهم القيادية في مصر ،وإن كانت مصر هي بحاجة إلى خطة تعافي على المدى المتوسط.
في يونيو 2014 أعلنت حكومة السيسي زيادة أسعار منتجات الطاقة التي تحظى بدعم كبير بما وصل إلى 78 في المائة ،ويبلغ دعم الغذاء والطاقة عادة نحو ربع الإنفاق الحكومي ، كما فرضت ضرائب جديدة على الأفراد والأرباح الرأسمالية وذوي الدخول العالية ،لكن استبدلت حكومة السيسي هذا الدعم الشامل بالدعم المقنن تستفيد منه 12 مليون أسرة عن طريق تخصيص الحكومة بطاقات ذكية يحصلون من خلالها على سلع مدعمة بجودة أعلى وبأسعار زهيدة ومن بينها الخبز الذي يعد من عناصر الوجبات الرئيسة على المائدة المصرية .
فتقنين الدعم يوفر للدولة مليارات الدولارات والتغلب على المصاعب الاقتصادية في بلد شحيح الموارد يبلغ عدد سكانه أكثر من 85 مليون نسمة ، وجاء تقليص الدعم وتقنينه ضمن سياسات شاملة في برنامجه الذي يشمل إجراءات لبسط الأمن وإعادة هيبة الدولة وإنعاش الاقتصاد.
وتشير الإحصاءات إلى أن نسبة الفقر في مصر تبلغ 26 في المائة ، أي نحو 24 مليون مواطن ،بينما الدعم موجه لعدد أكبر من هذه النسبة لنحو 12 مليون أسرة أو ما يقدر بـ 63 مليون مواطن يحق لهم الصرف عبر البطاقات الذكية حصص تموينية ويبلغ السعر الحقيقي للسلع المدعمة التي تحصل عليها هذه الفئة خمسة أضعاف السعر المدعم.
هذا التوجه جعل الصين تعقد جلسة حوار استراتيجي تهتم بالخطط المستقبلية الاستثمارية في مصر وخاصة في مجال توليد الطاقة وتطوير قطاع النقل والمساهمة في البنية التحتية والعمل على رفع مستوى التعاون والتوجه نحو التواصل بما يحقق الازدهار والتي تتجاوز العلاقات الحدود الثابتة .
لقي عبد الفتاح السيسي استقبال رسمي غير مسبوق في روسيا مؤكدا بوتين ارتياحه لمضاعفة التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين في النصف الأول من هذا العام بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي في وقت يفرض الغرب عقوبات اقتصادية على موسكو بسبب أزمة أوكرانيا .
وبحث الجانبان التعاون في المجالات النووية والفضاء والتعاون العسكري ومزيد من التعاون في مجال الطاقة والغاز والنفط وصناعة السيارات والاتصالات الإنسانية والسياحة وإنشاء منطقة تجارة حرة روسية مصرية التي هي أهم عناصر مشروع قناة السويس الجديدة ،خصوصا وأن روسيا تتزعم الاتحاد الجمركي الذي يضم كازخستان وبيلاروسيا وهي تدشن لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين. وتعد الحبوب التي تستوردها مصر من روسيا نحو 40 في المائة من إجمالي استهلاكها تمثل نحو 20-30 في المائة من جملة ما تصدره روسيا ،وفي نفس الوقت تعوض روسيا الحظر الذي فرضته على استيراد المواد الغذائية من دول الإتحاد الأوربي مقابل العقوبات التي فرضها الإتحاد الأوربي على موسكو بأن تستورد من مصر بنسبة 30 في المائة من المواد الغذائية.
يتطلع بوتين لحليف وشريك مركزي قوي بمنطقة الشرق الأوسط وليس مجرد علاقات تعاون أو استثمار، ومثل تلك العلاقة تقود إلى إعادة رسم ملامح علاقتهما الدولية مع مختلف القوى العالمية بما فيها الولايات المتحدة.