16-10-2014

السيناتور بايدن .. اصفحوا لكن لا تنسوا!!

يعتبر السيناتور جوزيف بايدن، نائب الرئيس باراك أوباما، واحداً من أقدم الساسة الأمريكيين، فقد تم انتخابه عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية دالاوير الصغيرة، قبل أكثر من أربعة عقود، كواحد من أصغر الساسة الذين تم انتخابهم لمثل هذا المنصب الهام في التاريخ السياسي لأمريكا، كما أنه رأس كثيراً من اللجان المهمة في المجلس، ويعرف عنه الانتهازية، كما هي عادة الساسة، كما أنه اشتهر بزلات اللسان، وهو العيب الذي يشتهر به، أيضاً، الأمير فيليب، زوج الملكة اليزابيث الثانية، والذي أحرج الملكة كثيراً مع ضيوفها الأجانب، وسبق للسيناتور بايدن أن أخطأ في حق السود، والآسيويين، والهنود، ولا يعلم أحد، على وجه الدقة، عمّا إان كان بايدن عنصرياً، وإن كنت أظن، حسب متابعتي لنشاطاته على مدى فترة طويلة، أنه ليس كذلك، ويكفي أنه يعمل كنائب لأول رئيس أسود، يصغره بعقدين من الزمن!

بايدن، والذي دخل في مرحلة اكتئاب حادة، وكاد أن ينتحر، وذلك بعد وفاة زوجته الأولى، عاد للتألق مرة أخرى، ولا يمكن أن ينسى المتابع مداخلاته في مجلس الشيوخ، أثناء ترشيح القاضي الأسود، كلارنس توماس لعضوية المحكمة العليا، من قبل الرئيس بوش الأب، قبل ثلاثة عقود، وقد كان معارضاً لحرب تحرير الكويت في 1991، ومؤيّداً لضرب العراق في 2003، مع أن الواقع يقول إن الموقف الأخلاقي، والمثالي من الحربين هو عكس ما اتخذه بايدن تماماً!، وقد اختاره أوباما ليكون نائباً له، ويعتبر أحد أقرب المقربين للرئيس، وأحد أعضاء دائرته الضيقة، والتي تشارك الرئيس في اتخاذ القرارات الهامة، سواءً تعلق الأمر بالسياسات الداخلية، أو الخارجية!

من هذا المنطلق، فإن تصريحاته الأخيرة ضد شركاء أمريكا في التحالف الدولي، وخصوصاً السعودية، والإمارات، يجب أن تؤخذ بجدية، ولا يفترض أن تعتبر زلة لسان، رغم اشتهار السيناتور بايدن بزلات اللسان، كما أسلفنا، إذ رغم أنه اعتذر عن تلك التصريحات، إلا أن الساسة غالباً يعتذرون، عندما يقولون «الحقيقة» التي تختلج في صدورهم، فكل الساسة مراوغون، وهذا ما تقتضيه سياسة فن الممكن، وبالتالي فإن علينا أن نأخذ ما قاله على محمل الجد، ولا نلتفت لاعتذاره، وربما أن تصريحات بايدن كانت هدية قيمة، عرفنا من خلالها الكثير عن أهداف، ونوايا التحالف الدولي، وعمّا إن كان هذا التحالف سيخدم مصالح الخليج، وأمريكا، أو سيقتصر على استغلال التسهيلات الخليجية لخدمة المصالح الأمريكية فقط، وأياً يكن الأمر، فإن علينا أن نقبل اعتذار بايدن، ولكن يفترض أن لا ننسى التصريح الذي اعتذر عنه!

ahmad.alfarraj@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب