18-10-2014

التهميش والتطفيش الوظيفي !

بعض المسئولين يرى أن تخلصه من موظف غير جيد إنجاز غير مسبوق، لكنه لا يرى في تطوير قدراته وتعديل سلوكه الوظيفي نفس الرأي بل إن هذه النوعية ترى في التدريب وتعديل السلوك ضياعا للوقت وإهدارا للموارد المادية والبشرية. هؤلاء لا يقبلون إلا بموظفين جاهزين وبنفس المواصفات التي يرغبونها وما عداهم يجب التخلص منهم بسياسات التهميش ثم التطفيش وبعضهم يسميها تنظيف الدائرة من العناصر الرديئة والسيئة.

التطفيش يكثر في الشركات والمؤسسات الخاصة لإجبار الموظف على الاستقالة بأسرع ما يمكن حيث تلجأ لهذا الأسلوب في حالات معينة مثل الحاجة لتقليص أعداد الموظفين أو تقليل حجم الإنفاق وضغط المصروفات لتحقيق أرباح أكبر، أو لتدني قدرات الموظف نتيجة لحداثة التجربة والحاجة للتدريب والممارسة. أسلوب التطفيش يبدأ بحجب بعض المميزات أو تخفيض الراتب أو تكليف الموظف بأعمال شاقة ووضعه تحت مجهر المراقبة وتصيد أخطائه حتى ولو كانت بسيطة لوضعه تحت الضغط النفسي والبدني ليسارع للفكاك من تلك المصيدة المهينة بتقديم استقالته لمدير الشركة «القائد التطفيشي البارع» غير آسف عليه وعلى شركته. بإمكان مدير الشركة إلغاء عقد الموظف غير السعودي دون الحاجة لابتداع أساليب التطفيش أما مع الموظف السعودي فالوضع مختلف فهو محكوم بأنظمة ومبررات لا بد من حضورها ومواجهة الجهات المعنية بها.

في القطاع الحكومي الوضع مختلف فأساليب التطفيش التي ذكرتها في حالة القطاع الخاص لا يمكن تطبيقها في حالة الموظف الحكومي فالمسئول لا يملك صلاحية تخفيض الراتب أو حجب المميزات أو حتى النقل لمنطقة أخرى إلا بأسباب ومبررات وفق لوائح وزارة الخدمة المدنية لذلك يسعى المسئول المتذمر من الموظف إلى تهميشه أو إبعاده وإقصائه عن المشاركة الفعلية في دولاب العمل السريع، كتحويله لمستشار لا يستشار، أو لموظف مغمور في الأرشيف أو الصادر والوارد أو الخدمات العامة.

أذكر حادثة تهميش من هذا النوع في واحدة من الدوائر الحكومية. في أحد الأيام ذهبت إلى هذه الدائرة لمقابلة أحد موظفيها، وبالمناسبة كان هذا الموظف أحد النافذين في تلك الدائرة وبعد بحث وجدته منزويا في غرفة مع اثنين من الموظفين الكبار في الخبرة والتجربة وأيضا في السن، وحين سألته عن سر تحوله من منصبه القيادي إلى هذه الغرفة الضيقة ابتسم وقال نحن هنا نمثل هيئة المستشارين عندها سألته عن طبيعة العمل أجاب لا يوجد عمل أصلا فنحن نحضر نوقع صباحا ونقرأ الصحف ونشرب الشاي ثم ننصرف بنهاية الدوام دون أن ننجز أي عمل، وعندما أكدت عليه بضرورة التواصل مع الرئيس لحل الوضع قال ياالله كلها ثلاث سنوات ونتقاعد.

للأسف من ذكرتهم في مراتب قيادية عليا يستمرون على حالة التهميش إلى أن يحين موعد التقاعد، أو يطفشون ويتقدمون بتقاعد مبكر لتشغر وظائفهم وتمنح لغيرهم من المنظرين. وهنا سؤال مهم يحتاج إجابة وهو لماذا تعطل هذه الخبرات ولماذا لا يستفاد منها قبل أن تغادر ساحة العمل في دراسة أنظمة ولوائح وفي حل مشكلات وفي طرح برامج جديدة لأن في التهميش هدر للطاقات والأموال، وقتل لقدرات لو أحسن التعامل معها ووجهت بطريقة سليمة وفق قدرات وإمكانات كل واحد من الموظفين لأثمرت إنجازات كبيرة فكرا وتطبيقا؟

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب