31-10-2014

الحوادث المرورية .. مقبرةٌ للأرواح والأموال

القيادة سلوكٌ حضاري وثقافة اجتماعية.. القيادة فن.. مقولة ما برحت تتردد في الأوساط الاجتماعية والثقافية حتى بتنا نتصور أننا نعيش في مجتمعٍ تبدو فيه المعايير الأخلاقية للقيادة ضاربة بجذورها في تعاملنا مع مقود المركبة..إلا أن ما نشاهده على أرض الواقع يحكي لنا تفاصيل مروعة من حوادث لا تُعد ولا تحصى يروح ضحيتها آلاف البشر ومخلفةً وراءها آثاراً نفسية واجتماعية.. تتمثل في ما تسببه من آلام الفقد أو ما تتركه من إعاقات مختلفة.. ناهيك عن الخسائر المادية الناتجة عنها..

فمن منا يرضى بأن تكون وسيلة النقل هي وسيلة دمارٍ وفتكٍ بأرواحِ البشر.. ومن منا يرضى أن تكون هذه الوسيلة الحديدية سبباً في تَحولِ أسرٍ تنعمُ بحياة هانئة كريمة في ظلِّ وجود عائلها.. إلى أسرٍ حزينة متألمة تقتاتُ على ذكرى الماضي الذي كان يجمعهم بمن فقدوا.. ومن منا يرضى أن يكون مقود لا يتجاوز قطرُه متراً سبباً في حفر مَواطِن مؤلمة في ذاكرة أطفال كانوا ينتظرون بشغف عودة أبيهم أو أخيهم أو أمهم.. ما أقساها لحظة الانتظار.. شوق وشغف وترقب مآلها نهاية مؤلمة.. ووداع لا لقاء بعده. لقد أصبحت ظاهرة حوادث المرور ظاهرة لافتة للنظر.. ظاهرة تشكل هاجساً مخيفاً وقلقاً مرعباً لكافة أفراد المجتمع.. فإذا ما نظرنا إلى معدلات حوادث المرور في المملكة العربية السعودية وبمقارنة مع حوادث مرورية في دول أخرى تصعقنا نسبة المعدلات المرتفعة في حوادث السير وما ينتج عنها من وفيات أو إعاقات غالبيتهم شباب في مقتبل العمر.. أو مراهقون أغرتهم مفاتيح المركبة.. فعبثت أناملهم الغضة بمقودها لتكون نهاية مفجعة تنعكس آثارها المؤلمة على نفوس أهليهم ومحبيهم.

الملاحظ أنه مهما وصل تخطيط وتنفيذ الطرق من مستويات عالية الجودة.. ومهما كانت قوانين وضوابط المرور المطبقة لإحكام السيطرة على حوادث الطرق وخاصة الطرق السريعة التي تشهد باستمرار حوادث سير مرعبة.. إلا أن المشكلة تظل قائمة تبحث عن حلولٍ جذرية تقلل من تفاقم الحوادث المرورية المتكررة بشكل يومي.. لتبقى نتائجها حصداً لعددٍ كبير من الأرواح.

إن مشكلة الحوادث المرورية ليست مشكلة فنية بقدر ما هي مشكلة ناتجة عن تصرف الإنسان.. صحيح أن الأمر قضاء وقدر لكن الإنسان هو القاسم المشترك الأكبر لغالبية أسباب الحوادث المرورية.. كما أن مسؤولية السلامة على الطرق هي مسؤولية مشتركة ما بين المجتمع والمؤسسات المعنية بذلك.. فثمة ما يمكن تسميته إن جاز ذلك بالأمية المرورية تستحوذ على الغالبية.. السؤال المطروح أين موقع التوعية بالثقافة المرورية في مؤسسات ترتبط بشكل مباشر وغير مباشر بأفراد المجتمع وبفئة الشباب بشكل خاص.. وأعني وزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة ورعاية الشباب.. والإعلام بشكل عام.

مشكلة ما يسمى بالأمية المرورية تبدأ منذ الصغر.. والإنسان عدو ما يجهل ومن يجهل عوامل السلامة يقع في المحظور لذا لابد من اتخاذ خطوات فاعلة تهدف إلى نشر الثقافة المرورية عند أبنائنا منذ الصغر تبدأ من البيت مروراً بالمدرسة تساندها التوعية من خلال وسائل الإعلام والثقافة.. لذا أتمنى من وزارة التربية والتعليم ألا تغفل عن جانب من أهم جوانب الثقافة ألا وهي الثقافة المرورية.

إن ادراج مادة تتعلق بالثقافة المرورية ضمن المنهج الدراسي وخاصة لطلاب المرحلة الثانوية يُفرِز سلوكاً اجتماعياً مهذباً يمثل رادعاً موازياً للضوابط النظامية.. وعموماً فإن أي نشاط في مجال السلامة المرورية لن يحقق الغاية المرجوة منه ما لم يكن ضمن إطار خطة متكاملة تتضافر فيها جهود كل فريق في مجال اختصاصه وليكن شعارها.. سلامتُكم تهمُنا.

zakia-hj1@hotmail.com

Twitter @2zakia

مقالات أخرى للكاتب