03-11-2014

ما أطولك .. يا ليل الإرهاب

* تشهد بعض الأمصار في عالمنا الإسلامي والعربي حالة نادرة من مظاهر (جلد الذات) بدءاً (بجزّ) الرؤوس (داعشياً) وعرضها أمام شاشات الإعلام العربي والعالمي تباهياً وافتخاراً، مروراً بسبي العفيفات الأبكار من النسَاء، وتعريضهن (لإرهاب) الرق والاغتصاب قبل القتل أحياناً، وانتهاءً بشن (الغزوات) الغاشمة ضد الأنفس البريئة، في أكثر من زمان ومكان، ولأكثر من سبب، وترتفع مع هذا وذاك أصوات تنسب هذه الأفعال إلى الإسلام الحنيف، وهو منهم براء براء براء.. حتى تقوم الساعة!

***

* والحق أنه ما من نفس بشرية تزهُو بإنسانيتها، وتعتنق الفضيلة مبدأ وممارسة إلاّ وتنكر هذه (النسخ) من الإرهاب الخبيث، وتستنكره في كل صوره ومسمياته وحيثياته، لأن الإرهاب يناقض (فطرةً) الخير في طبع الإنسان المؤمن بالخير والفاعل له!

***

* وبمعنى أكثر إصراراً أقول: إن الإرهاب معادلة لا إنسانية مرفوضةٌ.. ديناً وعرفاً ونظاماً، حتى ولو تلبس صاحبه رداء الدين والفضيلة، فهو سلوك جبان.. لا يأتيه إلاّ مَنْ في قلبه مرض، ولا يبرره إلا من في عقله سقم، ولا يتسامح معه إلاّ من في طبعه عوج!

***

* نعم.. الإرهاب مرفوضٌ حيثما حل، في دغل كان أو فوق ناطحة سحاب!

* هو مرفوض حين يقتل ويشوه ويرمّل وييتم أبرياء.. لا ناقة لهم ولا بعير فيما يعتبره الفاعلون له قضيةٌ يستتر وراءها فعلهم الأثيم!

* وهو فعل غوغائي لا يفرق بين صاحب قضية وعابر سبيل، فيخلط الأوراق.. يحرقها بنار الهمجية.. وعشوائية البطش، ويؤول هو ومن يقف وراءه بلا قضية ولا رسالة ولا هدف!

***

* من جانب آخر، أدرك بقدر من يقين أن معظم تلك الأحداث قد تكون (ردود فعل) لـ(تراكمات) الحدث السياسي الذي تمارسه بعض مراكز الهيمنة الدولية في عالمنا المعاصر إزاء أجزاء من عالمنا الثالث مستخدمة لغة القنابل (يكتب) بها بعض ضعاف النفوس (رسائل) الرفض لتلك السياسة رموزاً ومحتوى، ويتخذون منها (ذرائع) لإضرام الحرائق في هذه القارة أو تلك، فتحصد الأرواح البريئة قتلاً وأسراً واغتصاباً وتشويهاً وتشريداً، ثم تنفجر صيحات الغضب في أكثر من مكان في العالم من شرقه إلى غربه، تنعي الأمن والحق والفضيلة، وتوزع التهم بسخاء ذات اليمين وذات الشمال، وتعمم الأوصاف والأنماط، تعريفاً للإرهابي، فهو مرة مسلم وأخرى عربي.. ولا يكاد هذا التعريف المجحف يغادر هذين الصنفين من البشر!

***

* نعم هناك مسلمون ومثلهم عرب ارتكبوا وسيرتكبون إثم الإرهاب في أكثر من زمان ومكان، ويتعين التعامل معهم بحزم العقل وعزم السلاح، لكنهم يبقون أفراداً وإن زادوا، ومن ثم.. هل يجوز استنتاجاً أن ينسب كل عمل إرهابي في هذه الرقعة أو تلك من العالم إلى كل عربي أو مسلم؟! هل نسي الإعلام العالمي قاطبةً أن مفجر المبني الفيدرالي في مدينة أوكلاهوما الأمريكية قبل بضع سنين لم يكن عربياً ولا مسلماً.. كما زين لمحطة الـ(سي إن إن) وغيرها أن تزعم لحظة وقوع الحدث!؟

***

وبعد..،

* فسيستمر الإرهاب يعربدُ في كل مكان.. وسيستمر فاعلوه في البحث عن ذرائع دينية أو سواها تسوغه وتزينه في القلوب المريضة.. ثم لا يبلغون منه أو به شيئاً! فالقوي يزداد قوة والبريء يزداد قهراً، والمجرم الحقيقي .. يبقى حراً طليقاً يحلق في فضاء القوة الغاشمة!

مقالات أخرى للكاتب