12-11-2014

«سنّة وشيعة»... نحن في قارب واحد!

منذ عرفت الدنيا ومعي أقراني، لم نكد نعرف، ولم نسمع في وطننا، شيئاً اسمه (شيعة)، نعم كتب التاريخ والعقائد والمذاهب، تحوي هذا المصطلح الطائفي مثل غيره من الطوائف والديانات والمذاهب الأخرى والتيارات الفكرية والفلسفية، جميعها، تعرضها كتب العقائد، وتسردها كتب التاريخ، لغرض معرفة كنهها وأسباب نشأتها وتاريخها وأهدافها، كل ذلك لا يخرج عن إطار خلق ثقافة عامة للقارئ والمتخصص، للوقوف على جزء مهم من تاريخ أمتنا الإسلامية وما واجهته من صراعات، سواء كانت طائفية في بوتقتها الداخلية، أو صراعات، نتيجة غزوها من الخارج، كما حال الحروب الصليبية، الهدف من ذلك كله تحصين الأجيال فكرياً، وليس هدفه، تأجيج الصراع الطائفي على وجه الخصوص، وإلى وقت غير طويل، قد لا يعلم البعض، أن لدينا في بعض مناطقنا، من يعتنق مذهب الطائفة الشيعية، سواء كانت «اثنا عشرية» كما في الشرقية والمدينة المنورة، أو الإسماعيلية كما في نجران، أو فرقة الصوفية كما في منطقة الحجاز، ومع أنّ أهل هذه الطوائف، يعتبرون قلة الأقلية، بالنسبة لتعداد سكان المملكة العربية السعودية، الذين يعتنقون المذهب السني، وهو الطريق المستقيم، أقول ومع وجود هذه القلة من أقلية الشيعة والصوفية، كنا لا نعرف عن هاتين الطائفتين، أدنى معرفة، ولا نكترث بها أصلاً، كون الجميع (سنّة وشيعة وصوفية) متعايشون متآلفون في وطن واحد، أسس على التقوى، تربطهم أواشج الأخوة والمحبة، يستشعرون أنهم في قارب واحد، يستوجب المحافظة عليه من الغرق، الذي إن حدث لا سمح الله، لا يعرف سنّياً من شيعي من صوفي، الجميع سيعصف بهم الموج الهائج، وسيذهب الجميع في مهب الريح، لكن بمجرد وصول الخميني بثورته إلى إيران، انقلب الوضع في منطقتنا العربية والإسلامية، تبعاً لآرائه الخمينية الثورية، ولمخططاته الحمقى، عندما أراد بحماقته تصدير ثورته بتعاليمها الموغلة بالطائفية للبلاد العربية وخاصة للمملكة العربية السعودية، وكلنا نعلم ذلك جيداً، إبان مواسم حج مضت، ومنذ حقبته السوداء وحتى اليوم، وعالمنا يدفع فاتورة حماقاته وحماقات أصحاب العمائم الذين يسيرون على نهجه ونراهم من خلال تصريحاتهم يفخرون ويتفاخرون بها ويعتبرونها من المقدسات الإيرانية الخمينية عندهم، بل ويعدونها من أهم مصادر التلقي لديهم، حماقات الخميني نراها اليوم، تتجسّد في اعتداء إيران على كل ما هو سني في الأحواز بوجه خاص، وتدخلاتهم في شئون جيرانم في الدول العربية كالبحرين ولبنان وسوريا، وما فتئوا يتحرشون في المملكة العربية السعودية من خلال بوابة بعض أبناء المملكة، فصدّق البعض وللأسف كذبتهم وطفقوا بعقولهم الضيقة، يسعون لإفساد ما هم فيه من نعمة وأمن وطمأنينة، من خلال ما نسمعه ونراه من الشاذين الذين ركبوا الموجة وهم لا يمثلون الأغلبية بقدر ما يمثلون أنفسهم، وهؤلاء لا نعتبرهم يمثلون الخطر على الوطن بالمقاييس الأمنية الداخلية، لكن تعالوا إلى طغمة فاسدة ، ركبت الموجة هي الأخرى، لعب فيها الشيطان الرجيم، يوم أن تدثّرت بالإسلام، وزعمت أنها سنية المذهب، ترى ثياباً قصيرة، ولحاءً تكسو الصدور، فهموا الدين وفق رؤيتهم الضيقة، لبّسوا على الشباب، واعتدوا على الآمنين، وضعوا أيديهم بأيدي الدواعش الفواحش، ظنوا أنهم في مأمن من رجال الأمن ومن المواطنين المخلصين، حادثة (الدالوة) لم أصدق ما رأيته وما سمعته، كيف تجرأ هؤلاء المجرمون على ارتكاب هذه الحماقة بلحاهم الكثة، لا بارك الله فيهم، ولا في من شحن عقولهم، أساءوا لديننا، ولوطننا، ولمذهبنا، لم نعهد مثل هذا النوع من الجرائم البشعة، كيف تربى هؤلاء؟ وكيف تعلموا؟ ومن شحن عقولهم؟ ومن تعاطف معهم؟ جريمة هؤلاء كبيرة، لا تقبل التهاون أو التعاطف، جريمتهم أكبر وأعظم من جريمة الشيعة وتحريضاتهم، بما فيهم مثير الفتنة بالعوامية، مجرمو السنّة، ومعهم مجرمو ومخربو الشيعة، قولاً واحداً، يجب أن ينالوا جميعاً العقاب الصارم، عقاب الحرابة، وأن يصلبوا جميعاً في مكان جرائمهم، ليكونوا عظة لكل من تسوّل له نفسه العبث بأمن هذا البلد الطاهر .

وكما طالبت في مقالات عدة بمعاقبة ضُلاّل الشيعة بالعوامية، فالمرحلة تستوجب ودون أدنى تأخير معاقبة مجرمي (الدالوة) السنّة، فالكل أمام القضاء سواء، التباطؤ في تنفيذ الأحكام القضائية الشرعية، بحق أمثال هؤلاء، من شأنه عدة تفسيرات غير مرغوبة، وهذا مردوده سيئ على الوطن «فإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن»، مع أن ما صدر ويصدر بحقهم من القرآن، بقوله تعالى: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ . (المائدة 33)، وأبناء الشيعة والسنّة، هم أبناء للوطن الواحد، ومن مخرجاته، وفي الحقيقة المرة، لنتأسف غاية الأسف، إن قلنا، من شباب الوطن من السنّة، ما كان خطره ظاهر، نراهم يتفلتون من أُسرهم، ويتقاطرون على تنظيمات، أقل ما يقال عنها بأنها من نسل الخوارج أو أعظم جرماً، هؤلاء الأشخاص مرتكبو جريمة الأحساء، أساءوا لشباب الوطن، عندما تدثّروا بلباس الدين وهو من فعلتهم براء، عضوا اليد التي عفت عن أفكارهم المتشددة وأكرمتهم، مما يستوجب إعادة النظر في أعضاء لجان المناصحة، المهم يجب علينا (سنّة وشيعة) أن نعي خطورة المرحلة، فالمشكلة، فيما يبدو والله أعلم، ليست بالعدو الخارجي، الذي كثيراً ما نتهمه بمصائبنا، لكن باتت بالفعل، من دواخلنا، وبالذات من يتدثّر بديننا وبمذهبنا، والشواهد المؤلمة، تصدق ذلك ولا تكذبه.

dr-al-jwair@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب