حائل - خاص بـ«الجزيرة»:
أكد فضيلة الشيخ عبدالله بن صالح العبيلان عضو الإفتاء بمنطقة حائل سابقاً أنه من الواجب على المسلمين -وخاصة العلماء- عند نظرهم إلى الدليل الشرعي مراعاة ما فهم منه الأولون وما كانوا عليه في العمل به فهو أحرى بالصواب وأقوم في العلم والعمل ولا يجوز لهم أن يحدثوا تأويلاً في آية أو سنة لم يكن على عهد السلف ولا عرفوه ولا بينوه للأمة قال ابن القيم رحمه الله «إن إحداث القول في تفسير كتاب الله الذي كان عليه السلف والأئمة على خلافه، يستلزم أحد أمرين: إما أن يكون خطأ في نفسه أو تكون أقوال السلف المخالفة له خطأ ولا يشك عاقل أنه أولى بالغلط والخطأ من قول السلف» انتهى.
قال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} (2) سورة الجمعة.
والآية تدل على فضل الصحابة والتابعين على من بعدهم في العلم والعمل، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ، يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ، وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ) الحديث رواه مسلم، وقال: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»، وقال شيخ الإسلام رحمه الله «وأهل التعمق في العلوم قد يدركون من معرفة الشرور والشبهات ما يوقعهم في أنواع الغي والضلالات وأصحاب محمد كانوا أبر الخلق قلوبا وأعمقهم علما، ثم إن أكثر المتعمقين في العلم من المتأخرين يقترن بتعمقهم التكلف المذموم من المتكلمين والمتعبدين، وهو القول والعمل بلا علم وطلب ما لا يدرك، وأصحاب محمد كانوا - مع أنهم أكمل الناس علما نافعا وعملا صالحاً- أقل الناس تكلفاً يصدر عن أحدهم الكلمة والكلمتان من الحكمة أو من المعارف ما يهدي الله بها أمة وهذا من منن الله على هذه الأمة، وتجد غيرهم يحشون الأوراق من التكلفات والشطحات ما هو من أعظم الفضول المبتدعة والآراء المخترعة لم يكن لهم في ذلك سلف إلا رعونات النفوس المتلقاة ممن ساء قصده في الدين، ويروى أن الله سبحانه قال للمسيح عليه السلام: «إني سأخلق أمة أفضلها على كل أمة وليس لها علم ولا حلم فقال المسيح: أي رب كيف تفضلهم على جميع الأمم وليس لهم علم ولا حلم؟ قال: أهبهم من علمي وحلمي» وهذا من خواص متابعة الرسول، فأيهم كان له أتبع كان في ذلك أكمل كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الَْضْلِ الْعَظِيمِ} (سورة الحديد 28-29) انتهى من مجموع الفتاوى، وقال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} (سورة النساء: 115).