الفرق بين تزيين القبور، والبناء عليها، وبين تمييز القبر عن بقية القبور:
الخلاصة:
1- تزيين القبر أو القبور حرام، وذريعة للشرك، وكذا البناء عليها.
2- كتابة اسم صاحب القبر على القبر، أعلى النصائب لا بأس به، ما لم يغلب على الظن حصول محظور شرعي بسبب تلك الكتابة.
3- تحريم إهانة صاحب القبر المعصوم، كأن يوضع باركود، أو كتابات على القبر فيها سب وشتم للميت المعصوم.
1- روى البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -كَنِيسَةً رَأَتْهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ فَذَكَرَتْ لَهُ مَا رَأَتْ فِيهَا مِنْ الصُّوَرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمْ الْعَبْدُ الصَّالِحُ أَوْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًاً، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ).
هذا الحديث يدل على تحريم بناء المساجد على القبور، فإذا بني مسجد على قبر هدم المسجد، وإذا وضع القبر في المسجد نبش القبر، لأن هذا من فعل اليهود الذين نهينا عن التشبه بهم، ولأن ذلك ذريعة للشرك.
2- ولما روى مسلم مرفوعاً:(نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه).
وفي زيادة ضعيفة: (وأن يكتب عليه).
والنهي عن الكتابة على القبر لو ثبتت لكانت نصا في محل النزاع، لكن الصحيح أنها شاذة لذلك تحاشاها مسلم، فقال في صحيحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حفص بن غياث، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر قال: «نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه».
- وقد سبق بيانها في: حكم وضع الباركود الذي يذكر ما يتعلق بسيرة الميت عند قبره -.
وفيه تحريم البناء على القبور، لكونه مشابهاً لفعل أهل الكتاب الذين نُهينا عن التشبه بهم.
3- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:(لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ) رواه مسلم.
ففيه دليل على تحريم إهانة صاحب القبر، وأن النهي الوارد في النهي عن تجصيص القبر، والبناء عليه، والقعود عليه للتحريم لا للكراهة، لأن دلالة الاقتران تقوى إذا اتحدت العلة، أو لم يذل الدليل على التفريق بينهما.
4- وروى الإمام أحمد (27918) عن عَمْرو بن حزم -رضي الله عنه- قَالَ: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا مُتَّكِئٌ عَلَى قَبْرٍ فَقَالَ (انْزِلْ عَنْ الْقَبْرِ لَا تُؤْذِ صَاحِبَ الْقَبْرِ).
صححه الألباني في «الصحيحة» (2960).
وبناء على ذلك يتقرر تحريم تزيين القبر، وتحريم البناء عليه، وجواز تمييزها بما لا محظور فيه شرعاً.
وما وضع من حجر المرو على حافة القبر في الصورة السابقة، إذا كان من باب التزيين والتحسين للقبر، حرم، قياساً على الجص، بجامع التحسين والتزيين .
وإذا كان من باب المحافظة على حدود القبر، أو تمييزه ليعلم عن قبور غيره فلا حرج عليه كالكتابة ما لم يترتب على ذلك محظور شرعي يقيناً أو غلبة للظن، والله أعلم.
** **
- د. محمد بن سعد العصيمي