ما إن تطأ قدماك العتبة الأولى، حتى تجد نفسك في عالم مشحون بالدهشة، كل التفاصيل موشومة بروح العلم وسحر الخيال، نابضة بمشهد كواكب بعيدة، تلسكوبات بصرية تُمد الزائر بعين أخرى، ترى ما لا تراه العيون، وتلمح ما يختبئ خلف العتمات السحيقة.
ليس المكان محضَ معرض، بل فسحةٌ يجتمع فيها جمال المشهد. إنه مقامٌ يخرج منه الزائر محمّلاً بما يثري، بل جمع ما بين المتعة والمعرفة والأدب والثقافة، ما أعنيه هي «منارة حائل الفضائية» التي يقع مقرها في منتزه مشار في حائل.
أبت إلا أن تزاوج بين العلم والأدب. فها هي تقيم فعاليات أدبية كل أسبوع تستدعي الأدباء والشعراء وأصحاب التجارب المعرفية، قاعات ممتلئة بالحضور نابضة بالحياة، في الأمسيات، تُروى الحكايات والسير والشعر ويسمع الحاضر ذاكرة الأماكن العتيقة، حتى أصبحت «منارة حائل الفضائية» برئاسة سمو الأمير بدر بن فهد الفيصل آل سعود، الرئيس العام للجمعية السعودية لهواة اللا سلكي ورئيس منارة حائل الفضائية منبراً أدبياً ثقافياً بما يقدمه من فعاليات متنوعة وبتوجيه من سمو أمير منطقة حائل عبدالعزيز بن سعد بن عبدالعزيز، حفظهم الله جميعاً.
لم تكتفِ المنارة بأن تكون مزاراً عابراً، حتى أصبحت مدرسةً تُقام فيها الدورات التدريبية في فنون معرفية مختلفة.
هناك، حيث تلتقي العلوم بالخيال، وتغدو الثقافة جسراً بين العقول والنجوم، وُلدت منارة حائل كفكرةٍ تمشي في الضوء، وتكبر كلما صمت العالم وصاحت الكلمة.
وتُعَدّ «منارة حائل الفضائية» من أبرز الروافد الحضارية، في المنطقة، إذ تحتضن في جنباتها صناعةً، وسياحةً، وثقافةً، وعلوماً، وقد أُقيم فيها أكبر تلسكوب راديوي في الشرق الأوسط بقطر يبلغ عشرين مترًا، دعمًا للأبحاث الفلكية والرصد الفضائي، بما يتيح للعلماء والباحثين في المملكة آفاقًا رحبة لإنجاز أبحاث متقدمة في علوم الفضاء والفلك، تحت اسم يليق بها: «منارة حائل الفضائية» ومتابعة دقيقة من سمو الأمير بدر بن فهد الفيصل آل سعود.
ما جلعني أكتب عنها هذا الأسبوع هو نشاطها الأدبي والثقافي المستمر والمميز في المنطقة وعلى درجة عالية من التنظيم.
** **
- براك البلوي